«ما أنت رجل.. لو أنك شنب كنت طلقتها فوراً، كيف تقبل أن الحرمة ترجع بيت أهلها وترفض الذهاب معك لمنزل الزوجية؟». ليس كلامي بالطبع، بل هي كلمات المعلقين على خبر نشر في الصحف عن رفض فتاة في إحدى مدن السعودية إتمام زفافها إلى زوجها بسبب انقطاع التيار الكهربائي عن صالة الأفراح التي كانت بدأت تغص بالمدعوين. البعض علق أنها إشارة إلهية بأن هذا الزواج «مو.. طيب»، والبعض دعا له بأن ينفذ من هذه الزيجة، ولكن معظم التعليقات لم تؤيد موقف العروس التي تحول يوم زفافها إلى «ظلام»، وحلمها بلبس فستانها الأبيض وهي تعلم أن لا أحد سيتمكن من رؤيته! هذا ما يخيفني ويقلقني «نظرتنا إلى الزواج»، ومفهوم الرجولة الذي يعكر صفو معظم الرجال الذين يعتقدون أن الزواج بمفهومه غير العميق «هو سوبر ماركت» يذهب إليه الرجل ليختار بضاعته، أقصد عروسته، وعندما ترفض الدخول في الكيس، أقصد الذهاب معه من دون احتفال يليق بها حتى ولو كان بسيطاً، ينبغي عليه أن يعيدها إلى الرف لأنه رجل! كيف يرضى أن البضاعة خاصته من حقها أن تعكر عليه صفو ليلته؟. وضُع سؤال على «فيسبوك» عن لماذا تخفي المرأة عمرها؟ وتداخل الجميع في إجابات عمقت لدي المفهوم المهترئ عن النظرة للمرأة، وأجبت بالتالي: المرأة هي نتاج ثقافة المجتمع الذي يرى ويُطلق على من تعدت ال30 «عانس»، فاتها قطار الحياة والزواج والأمومة، لذلك فالتسابق المحموم للحصول على عريس قبل هذا العمر «مفهوم»، والاستعانة بمنتديات الزواج على رغم خطورتها الشديدة «مفهوم أيضاً» حتى لا تلقب بهذا اللقب البشع. أعود لموضوع إخفاء العمر أو إخفاء بضع سنوات منه يعود للخوف المجتمعي الذي يحيلها للرف. وأرى أن المرأة العربية بالتحديد تعيش في دوامات عدة لا تنتهي، عليها السعي للحصول على عريس قبل سن ال30، وبعد أن ترتاح من الدوامة الأولى تعيش خوف الدوامة الثانية بأن تحال إلى الرف بعدما تعجز عن إنجاب الولد، ثم تعيش خوف الدوامة الثالثة أن يتزوج عليها زوجها من دون أسباب منطقية لأنها وصلت ال40 مثلا،ً ولأن المجتمع يراها في هذا السن عجوزاً وزوجها الخمسيني في «عزّ شبابه»، ومن حقه أن ينعش حياته عن طريق دخول نفس «السوبر ماركت» أعلاه ليختار صنفاً جديداً. وفي بداية الزواج تعيش دوامة أخرى، هل تساعده في نفقات المنزل أم لا؟ هل تتفهم ظروفه المادية؟ هل تضحي؟ وتعيش خوف الصدمة من أن تنتهي تضحيتها وصبرها وتنازلها عن كل رغباتها المشروعة والمنطقية «هباءً منثوراً»، وتكون التضحية وبالاً عليها بأن ترى زوجها يسارع للزواج عليها أو يطلقها في أغلب الظروف ليعيش حياة الرخاء، متناسياً أنها أسهمت فيه في رحلتها معه. يجب أن تتغير نظرتنا للزواج وللرجولة ولمعنى المسؤولية والأخلاق؛ حتى لا نرى ونسمع ونستشعر تعليقات سطحية تنم عن فهم خاطئ لمعنى الرجولة!