لئن قلتُ: إنّ «دبي» ما مِن أحدٍ بعد عامنا هذا باتَ يجهلُ بؤرة موقعها: «الجغرافي» مِن العالم الصاخب استثماراً، ذلك أنّها قد أضحت ملء السمع والبصر مِن كلّ أحد، لئن تفوّهت بما مضى فما أحسبني قد قلتُ شيئاً ذا بالٍ يُمكنه أنْ يكون كلاماً لافتاً أو يكترثُ له!، وبخاصةٍ أنّهُ قد قُدّر عليَّ الكتابة في صحيفةٍ لم يدع فيها المتألقُ يوميّاً: «سليمان الهتلان» موضع بياضٍ إلا وقد دلق فيه قنينة حبرهِ مُطنباً في الثناءِ على معشوقته: «دبي»، وليسَ ثمّة تثريب فيما يجترحهُ ذلك أنّه يعيشُ سكْرةَ هيامٍ مِن شأنها -بداهةً- أن تضطرهُ وَلَهاً إلى أن يقولَ في: «دبي» وهي جديرةٌ، ما عجزَ: «مالكٌ» عن قولهِ في الخمر!. وهو الأمر الذي يأخذني إلى منعرجاتِ التّيه (جغرافيّاً) وذلك كلّما أنجزتُ القراءة لبعض من مقالات الدكتور: «الهتلان» المدبجة في الحبيبة: «دبي» إذ أروحُ من حينها أُقلقُ كلّ من حولي بسؤالٍ هذه صيغته: هل محافظة: «سراة عبيدة» تقع فيما بين الشارقة وبين دبي؟! عذراً فجغرافيتي (مش ولا بد) بحسباني واحداً من المتخرجين في: «المعهد العلمي» وكانت العناية فيه جغرافياً لصادرات: «البرازيل» إذ اكتشفنا حينها أن: «البرازيل» ليست: «بلد كورة» وبس!. ومهما يكن من أمرِ عشق الدكتور: «الهتلان» لجميلته: «دبي»، فإنّ من زعم بأنّ: «دبي» قد غدت قبلةَ من لا قبلةَ له، لا أحسبه قد قال إلا الحقيقة حيث يصدقه هذا: «الجم الغفير» ممن دأبوا على أن ييمموا وجوههم شطرها وعلى امتداد الفصول الأربعة كلها بما فيها فصل: «الربيع» الموشوم! هل قلت: «الموشوم» (كثيرون سيشرقون بهذه المفردة: الموشوم.. وعليه فليس ثمة مناص مِن إحالتهم إلى النسقي الغذامي فهو ابن بجدتها)! أستاذنا: «الهتلان» أنتَ وسواك لطالما حدثتمونا بشيءٍ من إسهاب مترهلٍ إعجاباً عن: «دبي» الإسمنت: «دبي» الأنفاق والجسور..: «دبي» الفنادق الباذخة نجوميّة..: «دبي» المولات والمحال التجارية الفخمة..: «دبي» البنايات الشاهقة..: «دبي» القطارات!..: «دبي» الاستهلاك..: «دبي» المقاهي والمطاعم..: «دبي» الترفيه..!. وأشهدُ أنكم لم تأل جهداً في سبيل إشاعة ذلك بمناسبةِ أو من دونها، ولكن يا دكتور: «سليمان»: ألم يئن لكم أن تحدثونا عن: «دبي الإنسان»؟! وبكلّ ما يمكن أن تلقيه هذه الكلمة الأثيرة: «إنسان» من حمولة معانٍ لتضعونا أمام وعي آخر، ابتغاء أن نرى ل: «دبي» وجهاً جديداً غير ما كّنا قد عرفناه قبلاً..، نبتغي وجهاً آخر إذ تشرقُ من جنباتهِ حالاتُ: «الاستثمار» الأكثر جدوى بحسبانها تأتي وفقَ منظومةٍ قيميّةٍ ليس لها أدنى علاقةٍ ببهرجة: «دبي» في الليل؟!