قبل بضعة أيام نشر موقع إيراني شهير خبرا مفاده أن حسن قشقاوي، مساعد وزيرالخارجية الإيراني للشؤون القنصلية قام بتفقد الجامعات الإيرانية بمدينة دبي بدولة الامارات العربية المتحدة وقد شكر قشقاوي المسؤولين في هذه الجامعات على نشاطهم في المجالين العلمي والثقافي وطالبهم بالمزيد، كما التقى قشاوي ببعض طلاب هذه الجامعات. قشقاوي كان في زيارة للامارات للمشاركة في الاجتماع السابع للجنة القنصلية المشتركة بين ايرانوالامارات. وجود جامعات إيرانية في الامارات معلومة جديدة لم أسمع أو اقرأ عنها من قبل. نقلت الخبر كما هو على صفحتي في “تويتر" و ذيلته بسؤال عن عدد الجامعات الإيرانية في دولة الامارات، لعلي أجد الإجابة عند أحد الأصدقاء. كان التفاعل مع الخبر مثيراً جداً، فهناك من شكك في دقة المعلومة وآخرون قاموا بنفي الخبر جملة وتفصيلا وصنف ثالث طالب بمزيد من التفاصيل والأدلة، بينما تقبل البعض المعلومة وأعاد تدوير التغريدة دون تعليق. الأهم في ذلك كله أنني لم أتلق أي رد من الأصدقاء يؤكد صحة الخبر اطلاقا. لم أشك مطلقا في دقة المعلومة ولكن فضولي قادني إلى البحث في المواقع العربية بداية فلم أجد ضالتي ثم انتقلت إلى البحث باللغة الفارسية وهنا كانت المفاجأة. بعد قليل من البحث وجدت أن عدد الجامعات الإيرانية في دبي قد بلغ حتى عام 2007 أربع جامعات وكلية وجميعها في قرية المعرفة في دبي (Dubai Knowledge Village). وبشكل أكثر تفصيلاً، اتضح أن الجامعات الإيرانية في دبي هي عبارة عن فروع لجامعات في مدن إيرانية بعضها حكومية وأخرى أهلية. الجامعات الإيرانية في دبي هي: الجامعة الإسلامية الحرة، وهي أول جامعة إيرانية في دبي وتم افتتاحها في عام 2004، وهناك جامعة شيراز، وجامعة شهيد بهشتي وجامعة پيام نور وأخيرا كلية علوم الحديث. يدرّس في هذه الجامعات تخصصات عدة من بينها القانون والمحاسبة والرياضيات والحاسب الآلي وإدارة الأعمال بالإضافة إلى التخصصات الدينية والعلوم الشرعية، وتستخدم اللغات العربية والفارسية والانجليزية في كثير من هذه التخصصات وتمنح هذه الجامعات مختلف الدرجات العلمية (البكالوريوس والماجستير والدكتوراه). وفي شهر يوليو الماضي، ووفقا لما نشرته وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية، اعترفت وزارة التعليم في دولة الامارات بإثني عشر تخصصا تدرسها الجامعة الحرة في مراحل تعليمية مختلفة. والحقيقة ليس لدي معلومة دقيقة حول مدى اعتراف وزارة التعليم الإماراتية بالجامعات الإيرانية الأخرى من عدمه. جامعة بيام نور في دبي لاحقا أردت أن أتعمق قليلا في البحث فأردت أن أرى ما إذا كانت هذه الجامعات الإيرانية محصورة في الامارات فقط أو أن هناك فروعا لجامعات أخرى في دول الجوار. اتضح أن هناك فروعا لجامعات إيرانية في اكثر من عشر دول عربية واسلامية وأجنبية، فبالإضافة إلى الامارات، هناك جامعة واحدة في سوريا وهي فرع لجامعة تربيت مدرس واطلق عليها اسم جامعة الفارابي، و حالياً هناك طلبان من جامعتي امير كبير و جامعة شيراز الحكوميتين لفتح فروع لهما في سوريا أيضاً، أما في ما يتعلق بالجامعات الإيرانية في لبنان فهناك فرع للجامعة الإسلامية الحرة وقريبا سيتم افتتاح فرع لجامعة طهران، ونجد فرعا لجامعة پيام وآخر لجامعة الفردوسي في افغانستان، بالإضافة إلى فروع لعدة جامعات في دول مثل باكستان، جزر القمر، تنزانيا، فنزويلا، طاجكستان وزنجبار، بعضها فتحت أبوابها للطلاب وأخرى قيد الافتتاح. لماذا افتتحت إيران هذه الجامعات في الخارج؟ وفقا لتصريح لوزير التعليم العالي الإيراني حول الموضوع، فإن طهران ترى أن افتتاح مثل هذه الجامعات يعود بالنفع عليها من جانبين أثنين، أحدهما، تنمية الاعتماد على النفس بين الأساتذة الجامعيين في إيران وبالتالي الاحتكاك بالبيئة التعليمية الأجنبية والغربية على وجه الخصوص. ثانيا، يرى الوزير أن هذه الفروع هي بمثابة فرصة عظيمة لتعريف العالم بقدرات إيران العلمية والفنية والبحثية كما أن ذلك ينعكس إيجابا على رفع مراكز الجامعات الإيرانية في الترتيب العالمي ويساهم في الوقت ذاته في تسريع عجلة النمو والتقدم في البلاد. أضف إلى ذلك، أن تواجد جامعات إيران في الخارج، والحديث لا يزال للمسؤول الإيراني، تقدم انطباعا ومثالا حيا للنموذج الإسلامي والثقافي للبلاد وهي بمثابة سفير حضاري وثقافي لإيران المسالمة و المهتمة بالعلم والمعرفة مما يؤثر بشكل إيجابي على صورة إيران السياسية والعلمية في الخارج، على حد قول الوزير. شخصياً، لا أعترض مطلقا على افتتاح مثل هذه الجامعات خاصة إذا كان الهدف منها اكاديمي بحت ويخدم الجانب الإيراني والبلد المضيف على حد سواء، كما أنني لن أناقش موضوع نشاطات هذه الجامعات بعيدا عن المجال الأكاديمي الصرف. لكن الأهم من وجهة نظري الشخصية هو هل تقبل إيران أن تقوم إحدى دول الخليج العربي بافتتاح فرع لها في طهران أو في إحدى المدن الإيرانية الأخرى بخاصة تلك التي يشكل فيها العرب الأغلبية السكانية؟ وإن كانت الإجابة بنعم، رغم أنني أشك في ذلك كثيرا، فهل ستتخذ جامعاتنا الخليجية مثل هذه الخطوة في القريب العاجل؟.. شخصياً، أتمنى ذلك.