( ياوزير: أجدع بملف الخادمات الاندونيسيات من النافذة)، هذه العبارة ليست من تأليفي بل هي العبارة اللافتة التي اختتم بها الاعلامي داوود الشريان حلقته عن الخادمة الاندونيسية التي قتلت الطفلة السعودية تالا قبل أيام اسكنها الله فسيح جنانه وجعلها شفيعة لوالديها الصابرين المحتسبين. كلمة (اجدع) لمن لا يعرفها تعني (اقذف) أو ارم، أي يا وزير العمل اقذف ملف العمالة المنزلية الاندونيسية الجنسية من خلال النافذة الأقرب إلى كرسي مكتبك، ولا مانع من رميه في اي مكان، وهي عبارة ترمي إلى الامتعاض والضجر والاحتجاج على هذا الملف وهذه الجنسية بالتحديد، وهي عبارة أكدتها عبارة أخرى للشريان في الحلقة نفسها، هي الله (لا يردهم) وكان يقصد الخادمات الاندونيسيات بعد أن تحدث عن قضية اغلاق ملف استقدامهن للعمل في السعودية. هل وقع الاعلامي داوود الشريان في فخ النجاح والحماس والاندفاع، حتى بدت تظهر وتطفو مواقفه الخاصة على اسلوبه؟، وهل ينبغي له أن يكون كذلك، فلا شك أن الخادمة القاتلة ارتكبت جرما شنيعا ومؤلما، ندينه ونرفضه، ولكن هل الشعب السعودي الآن مهيأ لمرحلة (جدع ملف الخادمات الاندونيسيات في سلة المهملات) وبكل هذه البساطةسأعود لموقفي من هذه العبارات بعد أن أهمس في اذن الاعلامي الناجح الشريان قائلا له: دونما شك هناك نسبة كبيرة من السعوديين أحبوا فكرة برنامجك وقوة طرحه وتماسه مع القضايا المحلية التي تمس المواطنين، وهو دور الاعلام بالفعل أن يكون صوتا باحثا عن المصلحة العامة، وأحسب أن برنامجك يا شريان يتوجه هذا التوجه ولكنني في الوقت نفسه أستغرب من اعلامي بخبرتك وتجربتك أن تمارس العاطفة المتشنجة سطوتها عليه وبهذه الحدة التي بدأنا نلحظها كثيرا في طريقة ادارتك للحوار في البرنامج، بينما أول شيء ينبغي للاعلامي ضبطه هو أعصابه ومواقفه الخاصة، وأن يبقى حياديا قدر الامكان، لأنه لا يشكل خصما في أطراف القضية الاعلامية. أذكر هذا بعد أن لفتني بحق ختام الحلقة المشار إليها بعبارة صاخبة كمطالبة وزير العمل برمي هذا الملف واغلاقه، فلا أظن أن الحل الأمثل لقضية تؤرق الشعب السعودي، ونلمس آثارها الان في الطوابير المحتشدة والمصطفة بعد الاعلان يوم أمس القريب عن فتح الاستقدام من الفلبين، ونلمسها في المبالغ الباهظة لخادمات المنزل في السوق السوداء، أو في المشاكل الاسرية التي تركها شح العمالة مؤخرا، إذن هي ليست عبارة نطلقها على عواهنها نتيجة انفعال واندفاع دون النظر في زوايا أخرى ربما تشكل للشعب عامة مصلحة كبيرة. هذا من الناحية العملية أما الناحية الأخطر التي قد تتركها عبارة جزافية ومتشنجة كتلك فتتمثل في تأجيجها لموقف الجماهير عاطفيا تجاه الجنسيات الأخرى، والذين ما زالت عمالتهم تدير شؤون منازلنا، وتعيش بين أسرنا وترتبط بشؤون أطفالنا، بمعنى أن عبارة محتقنة كتلك قد تثير جرائم أكثر واضطرابات أكثر في العلاقة المتبادلة مع العمالة المنزلية، ولا أحسب أن هذا الدور هو الدور المنتظر من الاعلام . وانطلاقا من هذه الرؤية فقد انتهيت من مشاهدة حلقة قاتلة تالا في برنامج الشريان بسؤالي التالي: هل وقع الاعلامي داوود الشريان في فخ النجاح والحماس والاندفاع، حتى بدت تظهر وتطفو مواقفه الخاصة على اسلوبه؟، وهل ينبغي له أن يكون كذلك، فلا شك أن الخادمة القاتلة ارتكبت جرما شنيعا ومؤلما، ندينه ونرفضه، ولكن هل الشعب السعودي الآن مهيأ لمرحلة (جدع ملف الخادمات الاندونيسيات في سلة المهملات) وبكل هذه البساطة، سؤال واقعي جدا نطرحه بعيدا عن التشنج والاندفاع !!!