يحق للطابع بأمر الله أن يفخر ويتفاخر ويتفشخر بأنه لم ولن ينطبق عليه حتى الآن المثل الشعبي الخليجي: "يعاف العزيمة ويدوِّر الطرارة"! ويضرب لمن يترك منبره الإعلامي الرسمي ويلهث خلف "تويتر" تحديداً بحثاً عن جماهيرية افتراضية، ولدت في الزيف، وشبَّت على الزور، وستشيخ وتهرم على التزييف لا محالة! وقد واجه في البداية سخرية لاذعة من تخلفه التقني، ورجعيته الوسائطية، وتكلُّسه العاجي الذي ما زال يبتعد به عن العصر وأهل العصر ومعطيات العصر! ولم يكن غريباً ولا مستغرباً أن تأتي المواجهة من أصحاب "الكار"، من أساتذةٍ وزملاء في الهم والاهتمام؛ لكن الغريب المستغرب الأغرب أنه في هذا السياق بالذات لم يواجه السخرية بأسخر منها؛ كما عُرف عنه؛ بل ارتدى عباءة "قس بن ساعدة" وهي تختلف كثيراً عن "بشت الشيحي" وتوكأ على تاريخه وراح يخطب: "أيها المتوترون والمتوترات.. من أصبح بات.. ومن ثبَّت شاااات.. ومن غرّد فقد "خرَّط".. ومن خرط فقد تورط.. ومن تورط فلا يأتين غداً يزعطط ويمعطط.. ويقول: اخترق حسابي، وانتهك جنابي، فلا تلوموني إن فقدت صوابي"! وها نحن لا يكاد يمر يومٌ دون زعططة مثقفٍ شهير أو معططته بما حذرت منه عباءة "قس" لا "بشت الشيحي"! وإن كان صادقاً فتلك مصيبة، ولكن المصيبة أعظم إن كان يتملص من المسؤولية؛ كعادتنا العربية العريقة! إن كان صادقاً فهو يؤكد ما كنا وما زلنا وسنظل نحذر منه، وهو تكريس الوهم بالحرية الشخصية، وحصانة حق المغرِّد بها: لا تكن أخرق فأنت مخترق! ونرد به على من قال: وقفوك... والله العظيم اعتزلت ولم أوقف... ما علينا: عندك توتر يا أخي اسرح وامرح فيه كما تشاء، وخذ حقك من "رقابة هانم" واللي يتشدد لها! ألا يذكرك هذا بمقولة الزميلة/ "ماغيه"، زوجة "لويس السادس عشر"، حين تحاشد المتظاهرون الجائعون أمام قصرها، فسألت: لماذا يحتجون؟ قيل لها: يشكون من ارتفاع سعر الخبز! فقالت: أولللاه.. أين المشكلة؟ من لا يستطيع شراء الخبز يأكل "بسكوييييت"! أما إن كان يتملص من المسؤولية، فهو يؤكد ما حذرتُ منه بلا أخ بلا تأخيخ في ورقة قدمتها في محافظة "المخواة"، ليلة الحب الأعظم، وقلت ما معناه: إن كاتباً يرضخ لمقص "رقابة هانم" المتغابي المتعامي المتأطرش في الصحف الرسمية، يفقد مصداقيته عاجلاً أم آجلاً حين يتوهم ويوهم قراءه بأنه يغرد بعيداً عنها، وهو يعرف أنك تعرف أنه يعرف أنه لم يغرد إلا بعد أن نتف المقص ريشه، ووضعه "الخوف" في قفص ذهبي! كان على المثقف أن يسأل نفسه قبل أن يشارك في هذا ال"دي جي" الصاخب: هل مشكلتنا في إيجاد وسيلة للتعبير؟ أم في التعبير نفسه؟!