| قال صاحبي : رأيتك تتحدث عن (الغباء، والتغابي) وتربطهما بسلوكيات اجتماعية خاطئة، فما الفرق بينهما؟ وما علاقتهما بأحوال الناس؟. قلت : لعلي لم أغفل عن ايضاح ذلك في كتابة سابقة. ولا مانع من ايجاز ما أوضحته: (الغباء) كما في (المعجم الوسيط): من (الغَبْوة): أي الغفلة. و(التغابي) من التغافل أو التجاهل. وفي كل مجتمع تجد (الغبي) و(المتغابي) وهما صنفان من البشر تجبرك المواقف والمناسبات على الاختلاط بهما والتعامل معهما ولكن بحذر! فكيف تفرق بين (الغبي) و(المتغابي)؟!. | الأول يا عزيزي : إنسان ضعيف، بُلي بالجهل، وعدم الإدراك لبعض الأمور.. وهذا من حقه علينا أن نعلمه ونوجهه، ونشفق عليه حين يقع في متاهة الجهل. | أما الصنف الآخر (المتغابي) فهو الذي ينبغي أن نحذره، ونحاول البحث عن حقيقة شخصيته، والتأكد من نواياه إن كانت سيئة أم خيرة!. ما أراه والله أعلم : أن (التغابي) على نوعين : فهناك من يمارسه بفطنة، وحسن نية، فيتغاضى عن أشياء قد تجر إليه مشكلات، أو تعرضه لمواقف محرجة. أما (المتغابي) الماكر، فهو الذي يمارس تغابيه بخبث ودهاء، فعندما يقبل على نصب شراك خداعه للايقاع بفريسته، يتمثل البراءة، ويظهر قدراً كبيراً من الصمت والسرحان، لاستدراج محدثه للمزيد من الكلام (المباح وغير المباح). وهو يبحث عن الكلام (غير المباح)، ويعين محدثه على الاستمرار في هذيانه، فقد يكشف له أسراراً يبحث عنها. ويظل الجاهل الغبي يهذي بحسن نية حتى يُظهر له الزمان عاقبة الاكثار في الكلام المضر بصاحبه.. فالمتغابي (الماكر) أصبح لديه مخزون من (اللغوصة) التي يمارسها في مجالسه التي تحتفي به، وتأنس لسماع الكلام (غير المباح). واذا حانت للمتغابي (الماكر) فرصة الايقاع بالآخر، يجد في جعبته بالتأكيد من سهام الغدر والفضائح ما يكفي لاثارة الدهشة، وتغيير نظرة الاعجاب الى استغراب واحتقار الآخر البرىء!. | أرأيتم كيف يكون مكر المتغابين المخادعين؟! فاحذروهم. محطة | فرق كبير بين (صداقة) عامرة بالود والوفاء والأخوة الصادقة، و(معرفة) عابرة تحكمها مصلحة ذاتية.. لا تمكث طويلاً. والعاقل يدرك الفارق بينهما، ويتمسك بالصداقة الأصيلة التي تدوم وتدوم وتدوم إن شاء الله .