لم أشاهد الشاب «عمار بوقس» سوى مرة واحدة في مقر صحيفة المدينة... كنت أسمع أنه يعاني من إعاقة ما، لكني لم أتصور أنها من أشد وأندر الإعاقات إلا عندما شاهدته، وفي حديثنا القصير كنت أستمع إلى شاب متوقد الذهن بليغ المنطق ومفعم بالأمل والإقبال على الحياة، جعلني أتذكر الكثير من المعاقين الحقيقيين رغم أنهم أصحاء الأجساد.. لكن قصته مع الحياة لم تتضح لي ولغيري إلا بعد مشاهدة الفيلم القصير «قاهر المستحيل» الذي أبدعه المخرج بدر الحمود، وتابعه أكثر من مليون ونصف المليون مشاهد في أقل من أسبوع. وكم كانت مؤلمة تلك التلميحات التي ذكرها عمار عن المصاعب التي واجهها بعد عودته إلى وطنه، ابتداء من الالتحاق بالمدرسة، ومرورا ببعض المواقف المخجلة للتعامل مع ذوي الإعاقات، والتي لو استسلم لها عمار لما واصل حياته وتعلم وأبدع.. مرتكز الحديث هنا ليس عن ماضيه الذي صنعه بنفسه بعون الرحمن الرحيم وأسرة تستحق كل أوسمة الإنسانية، وإنما عن مستقبله الذي سيبدأ في دبي كمعيد وطالب ماجستير في قسم الإعلام بالجامعة الأمريكية، بعد مشاهدة ولي عهد دبي للفيلم ودعوته لزيارة دبي وتبنيه إكمال عمار لدراسته هناك والعناية بكل احتياجاته.. السؤال الذي لا يجب التردد في طرحه هو: لماذا لم يحصل عمار كحالة استثنائية للإبداع على الاهتمام والرعاية هنا؟؟ لماذا لم يلتفت إليه وطنه كما يجب بعد مشاهدة نضاله وكفاحه وتفوقه، إذا كان هو بجهده الخاص قد اجتاز الماضي بكل مصاعبه.. ألم يكن جديرا بنا أن يكون عمار نموذجا فريدا يقدمه وطنه للعالم والإنسانية يستفيد منه كل الذين يواجهون متاعب ومصاعب الإعاقة؟؟. كم كنت أتمنى أن ينال عمار اهتمامنا واحتفاءنا به وتسهيل كل ما يجعله يحقق أحلامه الكبيرة وطموحه المتجاوز، كأقل واجب تجاه مواطن وإنسان فريد من نوعه.. إن حكاية ذهاب عمار إلى دبي هي استمرار لمسلسل فقدنا لكثير من الموهوبين والمبدعين في مجالات كثيرة حين تتاح لهم الفرص اللائقة بهم خارج الوطن، ويتلقون الدعم والاهتمام وتوفير البيئة التي تهيئ لهم التميز والإبداع.. بالتوفيق يا عمار أينما كنت، وستظل قصتك خالدة في نفوسنا..