كنت طالبة في كلية التربية في بريدة أواخر الثمانينيات الميلادية أنشر بعض كتاباتي الوطنية والعروبية الحالمة في جريدة الجزيرة، وانتشر هذا في أوساط الكلية لندرته، خاصة أنني أكتب باسمي الصريح. لا أنسى ما حييت يوم أن أهدتني إحدى الأستاذات المصريات في الكلية كتاباً لزينب الغزالي، أظن أن عنوانه «أيام في حياتي»، قرأته بعد صلاة الفجر كما نصحتني، وحين بلغت أيام سجنها دخلت في إغماءة، رحمني الله بوجود شقيقتي معي فتنبهت لسقوط الكتاب، وتراكض أفراد أسرتي حولي، كان أحد أشقائي قارئا واعياً وشرعياً متميزاً، رأى الكتاب وسألني عن مصدره، فأجبته، قال أستاذتك هذه احذري منها إنها إخوانية وتريد أن تدخلك في منهجهم. ونجوت ولله الحمد، وكان بإمكاني أن أكون صيداً سهلاً لها ومن كان بيننا منهم كثير. حين قدم وحيد حامد مسلسل جماعة الإخوان قبل نحو عامين تابعته بنهم وقادتني أحداث كثيرة لأن أقرأ. اليوم الإخوان في مصر تولوا السلطة التي كان يحلم بها حسن البنا ثم سيد قطب ثم كل مرشدي الإخوان. لا تثريب على حلم السلطة الذي يدغدغ أحلام بعض الأحزاب، لكن المشكلة تكمن في أن هذه الجماعة ترى أن من معها هو مع الله ومن رفض تأييدها هو كاره لدين الله. الإخوان ليسوا في مصر وحدها بل هم صامتون خلف عباءة الترقب في الجزائر وفي سوريا وفي المغرب، يتحينون الفرص السياسية لينقضوا ويأكلوا لقمة لم يصنعوها ليستثمروا عرق الشعوب ودماءها الساخنة ليجلسوا هم على كرسي السلطة المذهب. محمد مرسي الذي يحمل على كتفيه إرثاً كبيراً من أدبيات الإخوان هل تجدونه اليوم إخوانياً؟ أجده يمضي بمصر خطوات نحو العلمانية لم يجرؤ عليها كل رؤساء مصر العساكر والملوك. لقد قبل الإخوانيون كل ما كانوا يتخذونه ذريعة للمعارضة، بل زادوا عليه كثيراً في تعيين مرقص نائباً للرئيس. إنه حلم السلطة والإذعان لكل ما يبقي هذا الحلم طازجاً وشهياً وحاضراً كحقيقة!! حلم السلطة الذي يجعل وزيرة خارجية أمريكا تبتسم وتكاد تقول: والله الإخوان طلعوا أحسن من اللي قبلهم؟!