في مواسم الشهر الكريم هناك موائد افطار وسحور مختلفة للسعوديين والسعوديات ليست زادَ جسدٍ ولكن حديث فكرٍ وشجن، ولعل من ابرز موائد هذا العام، ربما لتحريك الفضاء الجديد بإعلام تويتر وفيس بوك والتيوب او الاعلام الفضائي الرمضاني الذي يصنع جدلًا موازيًا للأحداث السعودية أو حديث شارعها، في كل ذلك سوف تكتشف أو تتأكد من جديد جزمًا بأنّ الشارع يتغيّر ويتقدم ويطرح رؤاه ويُصرّ على طموحه الوطني في المسار التنموي والحقوقي، ويقيم ندوات ومؤتمرات حوار وجدل، لم تعُد في العالم الافتراضي فحسب بل هي جزءٌ من الاستشعار الوجودي الواقعي يتساءل بقوة: أين أنا من الوطن وأين وطني مني؟ ورغم المحاولات العديدة لأطراف أو اجتهادات او مسارات ايديولوجية تحاول ان تجيّر هذا الجدل الوطني لصراع بين فئات أو توجّهات إلا أنّ إجمال موقف الشارع الوطني في كل أرجاء حدوده ومساراته يعود ليتوحّد من جديد لدينا حلم ٌ مشروع كيف نُنفذه وكيف أشارك صناعته لأجل الوطن دولةً ومجتمعًا ولأجل جيل المستقبل القادم من أطفالي وأطفال جاري حتى آخر منزلٍ سعودي، وهذا ما يقود المشهد الوطني العام الى الدخول في مرحلة تطلع مشحونة بحلمها المشروع والذي لا بد وفقًا للتفسير الاجتماعي السياسي أن تتحصل له على حظها الطبيعي من مسارات التعبير والتنفيذ للمشاريع الوطنية الكبرى. إن هذا الطريق الذي يجب أن ندعم فيه توجّه سمو وزير الداخلية ننطلق فيه بثقةٍ كبيرةٍ جدًا وجزم بأنه بوابة وطنية تؤسس لاستقرار أكبر في عالم المتغيّرات، وهو ما سيقود بصورةٍ طبيعية الى الالتفاف الوحدوي وتعزيز هذه العلاقات في المضمار الحقوقي وتحوّل التعاطي مع الحقوقيين كشركاء لنهضتنا الوطنية. وأمام هذا التطلع الوجداني العميق والجدل الفكري والسياسي المتعمّق سعوديًا لدى اجيال كاملة نشهد حوارها يوميًا ونرقب تقدّم ثقافتها شهريًا باتت قضية اعادة تحديد مسارات اولويات الوطن ضرورة ملحّة تقتضي عملًا لا قولًا ان نتقدّم بتنفيذها وهي بكل تأكيد قرارات دولة وشراكة مجتمع، لا يجوز أن تستمر تحت بند الوعود أو أحاديث العلاقات العامة أو التسويفات، لأن ضريبة التأخر عن هذه التطلعات الوطنية قد يكون مكلفًا للغاية وقد يترتب عليه صعوبة كبيرة جدًا في مواجهته او مواجهة ارهاصاته، ولقد قلتُ في لقائي مع الإعلامي الصديق أ. عبدالله المديفر ضمن حلقات برنامج في الصميم لقناة روتانا خليجية انني متفائل بعهدٍ جديد ينطلق من هذه الزاوية. وهذه الزاوية هي قاعدة بناء المشروع الوطني الجديد وما عنيته بالزاوية هو الحريات الفردية للتعبير السياسي والشراكة المجتمعية، وقد حدّدت مصدر تفاؤلي تتالي الإفراجات التي أمر بها سمو وزير الداخلية الامير احمد بن عبد العزيز وقلتُ إن هذا مؤشر لإعادة قراءة المشهد السعودي الجديد والتجاوب مع المشاعر الشعبية واهالي الموقوفين وهو مؤشر مهم لتحديد مسار التعاطي الاصلاحي بين الدولة والمجتمع، هذا التوجّه لسموه سيكون حين يُغلق كل الملف او اغلبه بإطلاق المستحقين للإفراج والذين قضوا محكوميتهم وهو ما تتم به الاوامر حاليًا لكن نتطلع جميعًا لحسم اكبر واسرع، فهو سيفرض حالة من الطمأنينة والاسترخاء النفسي والارتياح لكل المجتمع وليس لذوي الموقوفين فقط، وبالتالي يُردف بمحاكمة عادلة شفافة للآخرين من ذوي التهم الجنائية لأعمال عنف حقيقية مع فسح الزيارات لهم وتصحيح طريقة التعاطي مع أهاليهم في المؤسسات العقابية وتأمين مستلزماتهم فهو يبعث رسالة تعزز هذا الاستقرار المجتمعي الذي ندرك جميعًا أن سمو الامير بخبرته الواسعة وشخصيته المخضرمة يدرك جوانب وعمق هذا المسار المجتمعي الوطني. إن هذا الطريق الذي يجب أن ندعم فيه توجّه سمو وزير الداخلية ننطلق فيه بثقة كبيرة جدًا وجزم بأنه بوابة وطنية تؤسس لاستقرار أكبر في عالم المتغيّرات، وهو ما سيقود بصورةٍ طبيعية الى الالتفاف الوحدوي وتعزيز هذه العلاقات في المضمار الحقوقي وتحوّل التعاطي مع الحقوقيين كشركاء لنهضتنا الوطنية، فتُعقد معهم وبينهم بشراكة رسمية فاعلة جلسات حوار وورش عمل، تُعزز ما أكدتُ عليه دائمًا وهو ضرورة ألا ينفصل المجتمع الثقافي أو الحقوقي عن الدولة واجهزتها فيستمعون ويُسمعون، هنا بوابة بدء مهمة نبادر فيها عبر إرادتنا الوطنية بصناعة مشروع جديد قد لا يُحقق كل طموحاتنا وقد يقتضي تدرجًا معقولًا، لكن يضعنا جميعًا كمجتمع ودولة في مسار تصحيحي شامل يتقدّم نحو دولة الحقوق والمؤسسات بثقة وحب وولاء وطني، وذلك بكل تأكيد للوطن القوي المستقل هو معارج الوصول.