بالأمس، تناولتُ بعض تفاصيل لقاء رئيس جهاز هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الشيخ الدكتور عبد اللطيف آل الشيخ، بكاتبات وكتّاب الجزيرة وعدد من أعضاء أُسرة تحريرها. وهذا اللقاء يأتي ضمن سلسلة لقاءات تقوم بها صحيفتنا بعناية وإدارة رئيس التحرير الأستاذ خالد المالك، الذي يحاول من خلال هذه اللقاءات فتح قنوات الحوار بين الإعلام والمسؤول، وقد التقينا قبل هذا اللقاء، بكلٍّ من: وزير العدل الشيخ الدكتور محمد العيسى، ورئيس مجلس الشورى الشيخ الدكتور عبد الله آل الشيخ. وفي سلسلة هذه اللقاءات، فإنّ ثمة ما يشار إليه، وهو أنّ المرأة لم تستثنَ، والحضور في نفس القاعة بتنظيم وترتيب لتثبيت مبدأ المساواة بين المرأة والرجل، واحتراماً لمكانة المرأة وقلمها. وأعود الآن لأستكمل مقال الأمس حول لقاء الجزيرة برئيس وقيادات جهاز الهيئة، إذْ بدأت مداخلتي قائلة: “كنت أتمنى هذا اللقاء منذ زمن طويل مع القيادات السابقة لأننا الآن أقلّ توترًا وأقلّ شعوراً بالضغط تجاه جهاز الهيئة”، ذلك الشعور بالتوتُّر كان في السابق ناتجاً عن التخوين والتكذيب لكلِّ قلم ينتقد هذا الجهاز، إلاّ أنّ رأي الدكتور آل الشيخ أثناء اللقاء بأنّ كل ما كُتب من نقد في وسائل الإعلام هو الدليل الإرشادي الذي بلور تلك الرؤية التصحيحية، بعد أن ساهمت الصحافة في نشر كثير من الأحداث وهذا ساهم في تدارك الأخطاء وتجديد الأنظمة. ويُعتبر هذا الرأي بحدِّ ذاته مرحلة جديدة، حيث لم نكن نسمع في السابق سوى توجيه اللوم والاتهام بالكذب والتلفيق لكلِّ ما تكتبه الصحافة، وتوجيه التهم لكلِّ من ينتقد التصرُّفات السلبية الصادرة عن أحد العاملين بهذا الجهاز، فإنه مُغرض وكاره لشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مع أنّ هذه الشعيرة هي من أساسيات ديننا إلاّ أنه وللأسف ونظراً لانتشار المفاهيم المغلوطة حول هذه الشعيرة، وعدم التفريق بينها وبين التدخُّل في الخصوصيات والتجسُّس على الناس ومراقبتهم ومتابعتهم، فقد حسم الأمر رئيس الهيئة في ردِّه على عدد من الأسئلة التي تم توجيهها إليه، قائلاً .. “بدأ رجال الهيئة يشعرون بمسؤوليتهم حتى لا يقعوا في حرج وحتى لا يتطفّلوا على الآخرين”.. بالفعل فأنا شخصيًا لم أعُد أشعر بالتوتُّر والاحتقان السابق، لأنّ المفاهيم الجديدة وتقديم مبدأ “الإنسانية” كفيلة بإزالة أي مشاعر سلبية، وهذا ما أتمناه مع القطاعات الحكومية الأخرى التي يتعامل بعض عناصرها مع الإعلام أو مع - بعض - الأشخاص من العاملين في الإعلام بخصومة! كلُّ البوادر تبشر بالخير، ولعلّ هذا اللقاء والتقارب ما بين الإعلام وقيادات الهيئة، أقول من خلاله الجملة العامية: “طاح الحطب” .. ومع هذا فإنّ الحُكم لا زال باكرًا، إذْ إنّ تنفيذ الخطط الجديدة يحتاج إلى وقت، كذلك الفكر والرؤية الإقصائية التي تمنح العصمة للأشخاص، وتحاسب النوايا هي كذلك أفكار تحتاج إلى وقت علاجي طويل، وما دمنا تعرّفنا على المشكلة، فليس لديّ شك في أنّ العلاج قد يكون أسرع مما نتصوّر في ظلِّ علاقة تكامل لا تناحر، سواء ما بين الهيئة والإعلام، أو ما بينها وبين أفراد المجتمع بكلِّ فئاتهم.