هل أنت متعصب؟ كثيرون لن يقبلوا هذا الوصف، رغم أن التعصب أصبح مرادفاً لحقبتنا المعاشة، فنجد من يتعصب للعرق أو للديانة أو للطائفة أو لقبيلته أو لبلدته أو لموقف سياسي أو اجتماعي أو حتى لناديه. أما التعصب الطائفي فقد تجاوز الحدود ليصل إلى الشحن وإشهار العداوة، وبالقطع فإن هناك من يظن أنه بهذا يقوم بعمل مفيد، لكن الوجه الآخر وهو محل الإشكال هو التحول من مجرد التعصب للذات ولإنحيازاتها إلى إشهار العداء لما تكره فهذا مدعاة لنشر الغل والحقد، وهذه القيم السلبية سرعان ما تتحول إلى تجاوزات بعيدة عن العدل والإنصاف .. فمثلاً أن يكره صاحب حانوت أحد الزبائن فيبرر لنفسه أن ينقص زبونه في الميزان، مع قيام الدولة الحديثة أصبح من الواجبات الأساسية لكل مواطن أن يحرص ويصون الوحدة الوطنية.. والوحدة الوطنية ليست كلمات تنطق بل التزام على كل مواطن كائناً من كان احترامه وعدم تجاوزهوهكذا ينقل ذلك البقال ما كان يجول بداخله من مشاعر إلى فعل سلبي ينطوي على جنحة أو جرم فيه تجاوز على حقوق الآخرين من حريات وأملاك، وكذلك فقد يستسيغ أحد التميّز ضد شخص لمجرد أنه من جماعة أخرى أو طائفة مغايرة، والمحذور هنا أن الكاره تجاوز نفوره من شخص بذاته لسبب محدد إلى كره عام يشمل كل من يحمل فكرة معينة أو سمة محددة، وكما أسلفت، أن نحب أو نكره شيئا وأن نحول هذه العواطف إلى فعل فهذا أمر يستحق التوقف. فعند ممارسة الفعل يبدأ التجاوز على أرض الواقع، وقد يقابله تجاوز مضاد.. وهكذا تبدأ الفتن وتكبر فتتمزق المجتمعات. قد يُسقط أحدٌ ما أقوله على الشأن الطائفي باعتبار ما يحدث في منطقتنا، لاسيما أن شرقنا العربي مثقل بالشحن والحشد الطائفيين.. الطائفية لها أشخاصها منذ الأزل، لكن مع قيام الدولة الحديثة أصبح من الواجبات الأساسية لكل مواطن أن يحرص ويصون الوحدة الوطنية.. والوحدة الوطنية ليست كلمات تنطق بل التزام على كل مواطن كائناً من كان احترامه وعدم تجاوزه. كما أن مفهوم المواطنة يحمل معاني جميلة وقيما عالية، منها: أن المواطنين يأتون بأوزان متساوية في حقوقهم وواجباتهم، ما يعيدنا للنقطة الأساس هنا وهي أن تحول الكره لطاقة سلبية ومن ثم إلى فعل سينطوي بالضرورة على تجاوز .. هذا التجاوز سيعني حتماً أن يأخذ مواطن من حقوق مواطن آخر، وهذا أمر مرفوض بداهة مهما كان الأخذ صغيراً وهامشياً.