أتمنى من الشيخ وليد البراهيم خدمة المشاهد العربي من خلال تشكيل فريق من الخبراء والإعلاميين يقترح صيغة لمجموعة برامج تتبنى تشجيع مواهب إبداعية للشباب العربي في التفوق العلمي البحثي يقول الخبر (إن مجموعة "ام. بي. سي" قد أعلنت استحواذها على الحقوق الحصرية لعرض البرنامج العالمي الصوت the voice بصيغته العربية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وبالتالي تصبح في جعبة المجموعة الصيغ العربية الأضخم والأشهر لثلاثة برامج عالمية في مجال المواهب). الخبر أعلاه نقلته بتصرف عن جريدة الحياة وهو منشور في صحف أخرى مماثلة وانطلقت منه لأبعث بالرسالة التالية لأخي المكرم الشيخ وليد البراهيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: أعبر لك بداية عن شديد إعجابي بك كأحد المبدعين الخلاقين الرائعين الذين خدموا الساحة الإعلامية العربية وخاصةً في جانبها المرئي والمسموع، على نحو وضعت من خلاله مجموعة ال "ام بي سي" في مصاف المجموعات التلفزيونية العالمية، وهي بفضل مهاراتك وجهدك الدؤوب وسعيك الذي لا يكل صارت تقف دون منازعة في مقدمة القنوات المشاهدة عربياً، ولا أبالغ إذا قلت إن المجموعة تنافس نفسها، وإن غيرها كثير يسعى لينافس ظلها، والمجموعة بلا شك تتربع على عرش الاهتمام والمتابعة العائلية في الأوساط العربية بتنوعها الجاذب خبرياً وترفيهياً، بما يتناسب وكافة الأذواق والأطياف والفوارق العمرية والجنسية. وكل ما سبق من توطئة نابع عن يقين ومعلومات تعززها الشواهد والأرقام المثبتة، وهي بدورها التي تحفزني لدعوتك أبا خالد لاستثمار مد المشاهدة الكبير فيما يخدم الرسالة الإعلامية التي تحملها مجموعة ال "ام بي سي" وهي التوعية والتنوير والتعليم إلى جانب الترفيه. لكن الملاحظ يا شيخ وليد أن "ام بي سي" انغمست أخيراً كثيراً في موجة الترفيه بما يفيض عن الحاجة، وبما يشكل في مجمله جرعة زائدة عن الحد بما قد يعود في النهاية إلى تسفيه المواطن العربي وتتفيهه، والارتقاء باهتماماته الدنيا بواسطة إعلاء الجانب الثانوي والهامشي والأقل والأصغر، وليعلم الشيخ وليد وأظنه يعلم أنني لست واعظاً ولست منحازاً إلى الجانب المحافظ أو التقليدي، لكنني بالمقابل لست مشاهداً سلبياً، وأزعم أن الترويح والترفيه حق، لكن عندما يصطف كمحاذ ومجاور لكل ما هو مبدع وخلاق ونافع. وفي الحديث الشريف: "روحوا عن القلوب ساعة بعد ساعة، فإن القلوب إذا كلت عميت ".. والحديث الشريف يدعو إلى جعل الترفيه مناطاً للتنفيس بين فترة وأخرى، فما بالك وال" ام بي سي" ترفه ولا تكل من الترفيه، ونحن نقول احزموا ساعة بعد ساعة فإن النفوس إذا ترفهت كثيرا خارت وتخكرت! أعلم يقيناً يا أبا خالد أن أي حالة استرخاء أو تثاؤب تصيب المجموعة في سباق التنافس كفيلة بخسرانها في ظل منافسة شديدة من قبل قنوات أخرى تقف بالمحاذاة، وتتعمد المكاتفة وتمارس الخشونة أحياناً رغبة في عرقلة المجموعة ومزاحمتها، وأعلم فوق ذلك أن كعكة الإعلان وشهوة الموارد تنحاز إلى الترفيه بنسبة لا تقارن مع سواها من البرامج الجادة، لكنني متأكد أن الشيخ وليد البراهيم لا ينسى الأمانة والرسالة في هذا الخضم، ويدرك أن تطلعات الشباب العربي ذكوراً أو إناثاً صارت دونية وتميل إلى التطريب أو التهريج، ويعلم أن النماذج التي تستقطب الإعجاب باتت للمطربين والمطربات "الكويسين" والسيئين والراقصين والراقصات المستورين و"المتشخلعين" والممثلين والممثلات الفاعلين والمفتعلين. إن ما يحدث أثناء بث مثل هذه البرامج (محبوب العرب Arab idol ومواهب عربية ARBqo talent وبرنامج "يلا نغني" ثم أخيراً الصوت THE voice) هو أن العالم العربي يتحول إلى ملهى ليلي كبير، يتوزع مواطنوه خلال ساعات البث بين جمهور يصفق ومطرب يغني، لقد تحقق لنا في العالم العربي وفر فائض من الفنانين، وصار لكل مواطن حصة جيدة وكافية في هذا المجال، لكن يقابل ذلك شح واضح في الموهوبين عقلياً وليس عضلياً، أعني المخترعين دون الراقصين. كنت أتمنى ولا زلت من الشيخ وليد البراهيم أن يستثمر مثل هذا الإقبال في خدمة المشاهد العربي من خلال تشكيل فريق من الخبراء والإعلاميين يقترح صيغة لمجموعة برامج تتبنى بعض التشجيع لمواهب إبداعية في الاختراع وبراءاته، وفي التفوق العلمي البحثي الذي تبدعه بعض الطاقات والقدرات العربية الشابة في مجال الطب والكيمياء والإنترنت وتقنية النانو، وإبراز النماذج الرفيعة للشباب والشابات الذين أبدعوا وتفوقوا في المحاضن العلمية المتقدمة، أعلم أن التقديم المباشر لمثل هؤلاء لا يحقق الإقبال، وأعلم أكثر أن مثل هذا الطرح "ثقيل دم" ولا يجد قبولاً شعبياً ما لم تتولى المجموعة استحداث صيغة خفيفة ولطيفة يتم فيها دمج هؤلاء مع النجوم الذين يأسرون ألباب الشباب من المطربين أو الممثلين أو اللاعبين. الشيخ وليد: إن ثقتي في حجم المردود الذي تتركه مجموعة ال"ام بي سي" من خلال البرامج النوعية التي تقدمها مصحوباً ذلك كله بثقتي في إخلاصك وقدرتك على جعل المجموعة دائماً الملاذ الأبهى والأشهى للعائلة العربية، والأقدر والأجدر على ابتداع الخلطة السحرية لبرامج تخدم أغراضها وأهدافها الشريفة دون مباشرة فجة أو وعظ ممل؛ ذلك كله مما حفزني على كتابة هذه الانطباعات وكلي يقين بأنها ستصل إلى مبتغاها.