كتبت هنا منذ عدة شهور عن قصة الشاب السعودي الذي بادر أمام رئيسه في العمل وبحضور زملائه إلى الاعتراف بأنه لا يصلي، ظنا منه أن في مثل اعترافه هذا ما سيعجب رئيسه الجديد وذكرت تفاصيل القصة. ثم قلت في سياق تعليقى على تغريدات حمزة كاشغري المسيئة للرسول عليه الصلاة والسلام أن هذا الشاب هو واحد من شباب تتلبسهم حالة من أبرز أعراضها ظنهم أنهم لن يكونوا في نظر الآخرين مثقفين أو أصحاب فكر ما لم تكن علاقتهم مع الله والدين علاقة شك وإنكار. ومما قلت أيضا أن هناك شبابا يصلون ويصومون، وعندما يلتقون ببعض النخب أو من يرون أنهم المثل الأعلى لهم؛ تتغير لغتهم ومواقفهم من الحياة ومن أشياء كثيرة، حتى إن بعضهم يحين موعد الصلاة المكتوبة ويخرج وقت أدائها ولا يقومون لأدائها خوفا من تهمة تصيبهم أو تزكية لا يحظون بها من ذلك القدوة الذي يجالسونه. ومنذ ذلك الوقت وحالات السخرية بالدين والتعدي على الذات الإلهية وعلى الرسول عليه الصلاة والسلام والصحابة تتوالى، مع أخبار عديدة تؤكد ازدياد حالات الإلحاد بين الشباب أو اتخاذهم مواقف سلبية من الدين. ولعل التغريدة الأخيرة في هذا السياق سواء كان حساب حصة آل الشيخ على (تويتر) مزورا أو حقيقيا تستدعي ضرورة البحث في هذه الحالات، وألا يكتفى بالمطالبة بإقامة الحدود والعقوبات، خاصة وأن معظم التغريدات السابقة التي حملت أحرفها تطاولات على الدين والأنبياء والصحابة كاتبوها من فئة الشباب، وقد تحدثت كثيرا عن ضرورة إعادة النظر في الكيفية التي يتم فيها التعامل مع الشباب في البيت وفي المدرسة وفي المسجد وفي سائل الإعلام، وألا نعاند ونكابر بعدم الاعتراف بأننا في زمن حدثت فيه تغيرات ضخمة وعديدة وجذرية أثرت بشكل كبير على حياة وفكر الجيل الذي نشأ مع هذه المتغيرات، وبالتالي لا بد من إعادة صياغة الخطاب الموجه لهذا الجيل دون تنفير ودون تهويل، ليعلم أن الدين جميل ووسطي، وليقتنع هذا الجيل أن من يسيئون له بفكرهم المتشدد وأقوالهم المتطرفة وتعاملهم الفج، ومن يحرمون عليه ما أحل الله ويضيقون عليه حياته تحت مبرر (باب سد الذرائع) لا يمثلون الدين السوي، وقد كتبت كثيرا عن (بعض) رجال (الهيئة)، وانتقدت معظم وسائل الإعلام وانتقدت (بعض) المعلمين وتحدثت عن أكثرية الدعاة وخطباء يوم الجمعة كونهم من حيث يعلمون أو لا يعلمون ينفرون الشباب من الدين، لكن وكما قال بعض الأصدقاء وبعض الإخوة المعلقين على مقالتي السابقة (ما فيه فايدة)!