يعجبني الطالب الذي ينام مبكرا، لا يعجبني الطالب الذي لا ينام مبكرا، يعجبني الطالب النظيف، لا يعجبني... إلخ. ربما البعض يتفق معي أن فقرة (يعجبني ولا يعجبني) المملة من أكثر الفقرات التي يشرد خلالها ذهن الطالب وتجعله ينصرف إلى أشياء لا إرادية، كأن يعبث بأنامله أو يتحدث مع زميله. أما لماذا كونها مملة وتساهم في شرود أذهان التلاميذ؟ فذلك يعود إلى سبب بسيط وهو طريقة تعامل هذه الفقرة مع عقول التلاميذ، حيث إنها تعتمد على الحقن والتلقين، ليس هذا وحسب بل لكونها تعد أيضا رأيا شخصيا صرفا لا يصاحبه أية معلومة، بغض النظر عن صحة هذه الآراء. فتخيل أنك تحذر ابنك من مصاحبة ابن الجيران فتكتفي بالتحذير وحسب دون أن تخبره عن سبب التحذير، حتما ستجده قلقا متسائلا. بعض كتاب الرأي والأعمدة تجدهم ينهجون في طرحهم نهج (يعجبني ولا يعجبني) فتجد أحدهم وكأنه يتحدث مغمضا عينيه من فرط الثقة عندما يقدم رأيه حول موضوع ما دون الاستناد إلى أدنى معلومة. لاسيما بعض كبار الكتاب الذين يعتقدون أن رأيهم تحول معلومة! فتجدهم يوزعون عبارات الإعجاب واللاإعجاب على القضايا والمستجدات دون تقديم دليل علمي يدعم هذا الرأي أو ذاك. وهناك أيضا فئة من الكتاب تذكرني بوصف قرأته في أحد كتب تحليل الشخصية، حيث إن هذه الفئة مثلها مثل الذي يجلس بجانبك في السينما وبمجرد قيام البطل بفتح الباب يلتفت إليك ويقول: «هه البطل فتح الباب» وبعد قليل «هه البطل خرج» وطوال الفيلم وهو يردد «هه قتله»، «هه خنقه»! وأنت تقاوم الرغبة الشديدة في الفتك به! فهؤلاء بمجرد وقوع حدث تجدهم يجترون الأحداث «قد حصل وقد حصل...». أما البعض الآخر فهو يقدم مقالاته على طريقة «تسجيل موقف» من خلال إعلان إعجابه أو لا إعجابه، ثم يبحث في قوقل عن ردود أفعال مناوئيه، والبعض عندما تتلبد سماء المجتمع بحدث ما، صدق ما يصدقه السذج وعندما تنقشع سحب الحدث سطر مقالاته ساخرا من سذاجة العوام، فينطبق عليه مقولة أكثم بن صيفي: «يتشابه الأمر إذا أقبل، فإذا أدبر عرفه الكيس والأحمق» ففي الوقت الذي يفترض فيه أن يقدم للمجتمع تحليلا منطقيا تجد قلمه يركض حافيا في مقدمة القوم. والبعض كلما برزت أدلوجة لامعة هب مسرعا: «هذا ربي»! وعندما تأفل يخرج إلينا مرددا نضاله وتضحياته! والبعض تجد مقالاته تحولت إلى صفحة «هل تعلم» جراء تكدس المعلومات دون مناسبة ودون ربط، وكأنه لا يعلم أن المكتبات تغص بكتب على شاكلة (2000 معلومة) والبعض الآخر ليس له في العير ولا في النفير، ولله في خلقه شؤون. فبحدود تفكيري المتواضع أعتقد أن المقالة التي لا تلعب مع الخطوط الحمراء لعبة القط والفأر ليست بمقالة، والمقالة التي لا تجعل الرقيب يضطر إلى شرب لبن أكتيفيا ويعيد قراءتها عدة مرات ليست أيضا بمقالة!