بعد أكثر من عشرين عامًا من الاحتساب عبر الكتابة الصحفية، وبعد ما يزيد عن عشرة أعوام في هذه الزاوية (وحي الخاطر) بملحق الرسالة الإسلامي الأسبوعي بجريدة (المدينةالمنورة)، وبعد مئات المقالات في عدة صحف ومجلات داخلية وخارجية، آن للقلم أن يعود إلى غمده، وأن يتوقف البنان عن الحركة، وذلك امتثالًا لأمر ولي الأمر بمنع القضاة من المشاركات الإعلامية، وإن كان الأمر السامي الحكيم منطوقًا ومفهومًا يدور في فلك المشاركة بالصفة (القضائية) وليس بالصفة (الشخصية) فضلًا عن عدم ظهور شموله لمواقع (التواصل الاجتماعي)، إلا أن لصاحب الصلاحية ممثلًا بالمجلس الأعلى للقضاء تقدير وتقرير ما يناسب المصلحة العامة، وذلك استنادًا للمادة رقم (51) من نظام القضاء، حيث جاء الفصل الثالث تحت عنوان: (واجبات القضاة)، ونصت المادة على أنه: (لا يجوز الجمع بين وظيفة القضاة ومزاولة التجارة، أو أي وظيفة أو عمل لا يتفق مع استقلال القضاء وكرامته، ويجوز للمجلس الأعلى للقضاء أن يقرر منع القاضي من مباشرة أي عمل يرى أن القيام به يتعارض مع واجبات الوظيفة وحسن أدائها)، وبما أن للمجلس هذا الحق فقد قرر ذلك، وله أن يقرر لاحقًا ما يراه بشكل أكثر دقة وتفصيلًا، وعلي كعضو في السلك القضائي الامتثال لذلك حتى ولو لم أكن أرى مناسبة أي جزئية منه، فقرار صاحب الولاية يرفع الخلاف ويلزم الرعية، عملًا بقوله تعالى: (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم)، والتزامًا بمقتضيات السمع والطاعة لولي الأمر ونوابه. ولذا أعلنت يوم الأحد الماضي 8/6/1433ه الموافق 29/4/2012م بواسطة حسابي في (تويتر وفيسبوك ويوتيوب) التوقف عن (التغريد) امتثالًا للأمر السامي الحكيم ولقرار المجلس بهذا الشأن المعمم من قبل معالي رئيس المجلس ولتوجيهات ولاة الأمر ونوابهم بهذا الخصوص، وكذلك أعلن اليوم هنا عن توقفي عن المشاركات الإعلامية عمومًا سواء عبر المقالات كهذه الزاوية أو عبر التحقيقات والحوارات الصحفية ونحوهما، إضافة للقنوات الفضائية والإذاعات وعموم وسائل الإعلام، وذلك بشكل دائم خلال فترة سريان هذا القرار، ما لم يتم تخصيصه أو تقييده أو العدول عنه. وأحمد الله تعالى على أنني طول السنوات الماضية لم أتكسب بقلم أو لسان فضلًا عن أن أتجاوز على حق عام أو خاص أو أعتد على العباد أو البلاد، ولم أوقع في حياتي على أي بيان جماعي أو فردي مهما كان نوعه ودافعه وهدفه، وذلك استجابة لنداء الشريعة الإسلامية ولسلامة المنهج الإيجابي وليس لمنهج السلامة السلبي، وقد كنت خلال السنوات الماضية كاتبًا ببناني وناطقًا بلساني بكل صراحة وشفافية، ولست ممن يتخوفون عن قول كلمة الحق رهبة من نظام أو تنظيم أو جمهور، وإنما كنت ولا زلت وسأستمر بإذن الله موحدًا لله لا شريك له، مع السمع والطاعة لولاة الأمر وما فيه مصالح العباد والبلاد، بلا حزبيات متناحرة ولا شلليات متحالفة ولا انتهازيات دنيئة، مستمسكًا بتلابيب الأخلاق والسلوك القويم، بلا مزايدات ولا مساومات، وبدون وكس ولا شطط. وإن مُنع القضاة من المشاركات الإعلامية فإن الأبواب الأخرى مشرعة، حيث التأليف والبحوث والدراسات، إضافة للدروس والمحاضرات والخطب، وكل عمل خيري تطوعي محتسب لا يكون بهدف التكسب الحسي أو المادي أو المعنوي سوى الإخلاص لله تعالى وعدم مخالفة الأوامر والأنظمة والتعليمات. كما يمكن التواصل معي عبر الإيميل ([email protected]) أو الجوال (00966505150298) إضافة لبرامج التواصل الهاتفي كالواتسأب ونحوه من برامج الهواتف الذكية. وختامًا أسأل الله أن يتقبل مني ما قدمته وأن يغفر لي ويرحمني، وأرجو من جميع من يبلغه مقالي هذا المسامحة عن أي تقصير وألا يحرمني من الدعاء في حياتي وبعد مماتي، وأستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.