كثيرًا ما نشكو شيئًا ونتمنى أشياء، ومن ذلك شكوانا من قصور الإعلام الإسلامي، وتمنينا إعلامًا إسلاميًا يعطي الصورة الحقيقية عن المنهج الإسلامي بشموله وكماله ووسطيته واعتداله، وطول العقود الماضية لم نجد إلا التشكي من غياب المفروض والنياح من وجود المرفوض، ودون أن نبادر في إيجاد الواقع الذي ننادي به بأصواتنا أو نسعى في احتواء ذلك الواقع الذي نقاومه بصراخنا، ولذا مضت الأعمار وضاعت السنين دون مشروعات فاعلة إلا القليل، وحتى في حال مبادرة أحد منا في مشروع رائد إذ به يجد أن أول من يعارضه بل ويقاومه هم الذين كانوا وما زالوا يشكون وينوحون، فلا هم الذين بادروا بالبديل، ولا هم الذين تركوا المبادرين، ولا هم سكتوا عن نياحهم البارد. ومن هذا المنطلق يجب أن نبرز المبادرات الناجحة على قلتها، ومن ذلك في مجال الإعلام ما قامت به جريدة المدينةالمنورة مشكورة في تبنيها ملحقًا أسبوعيًا في كل جمعة أسمته (الرسالة)، لتقدم عبره رسالتنا الخالدة بمنهج إسلامي وطرح عصري لا يتجاوز الثوابت ولا يقف عند المتغيرات، والشكر لمن أقامه وعلى رأسهم الراحل الدكتور عبدالقادر طاش رحمه الله وطيب ثراه، ومن كانوا معه وجاؤوا من بعده ليكملوا المسيرة وعلى مدة تزيد على عشرة أعوام، والملحق خلالها قد وقف صامدًا دون توقف أو نكوص، بخلاف ما رأيناه من ملاحق أخرى هنا وهناك تخرج فترة من الزمن ثم تغيب، ومرة في حالة قوة وتجلي ومرة في حالة ضعف وتخفي، وبقي ملحق الرسالة طول هذه المدة الصامد الوحيد، فكان لا بد من أن نذكره ونشكره وندعو لمن يقف خلفه، لأنه مع كونه لا يتجاوز اثنتي عشرة صفحة إلا أن له الدور الكبير في بث العلم والوعي اللازمين في ظل غياب وتغييب للإعلام النموذجي. والشكر يتواصل إلى يومنا هذا حيث الجهد المتواصل على يد مجلس إدارة مؤسسة المدينة رئيسًا وأعضاء كرامًا، وبقيادة تحريرية فذة على يد أخي رئيس التحرير الدكتور فهد آل عقران الذي نقل الصحيفة شكلًا وموضوعًا نحو مصاف المنافسة، وبمباشرة متميزة وعصامية على يد أخي مشرف الملحق الأستاذ ساري الزهراني الذي أبرز الطرح الإسلامي بشكل متوازن، ولم يكن كغيره ممن جعلوا من مطبوعاتهم تغرد في داخل سرب مجموعتهم وضمن أفكارهم الخاصة، بل فتحه للجميع ومن كل الأطياف والمناطق بعدالة، فكان بحق منصف بلا وكس ولا شطط، وأرسى مثالًا واقعيًا على سعة المنهج الإسلامي واحتوائه للجميع بلا انحياز ولا تحامل، ولا حزبية ولا شللية، واستطاع المشرف على الملحق أن يستقطب كوكبة من أصحاب القلم تعجز كبار الصحف عن جمعهم واستكتابهم، وذلك لقدراته المتميزة وحسن تعامله وصدق نيته. وفي الجمعة الماضية تم تدشين الملحق بشكل جميل وتوزيع أجمل، واستقطاب لعشرين كاتبًا من علية القوم علمًا وفكرًا وتخصصًا، ومن مشارب شتى، وكل ذلك على قاعدة الثوابت الدينية والمصالح الوطنية والقيم الأخلاقية، ومع أن الإعلام القديم وخصوصًا الورقي منه قد ضعف وهجه، إلا أن الملحق قد زاد نوره وتنويره مستمسكًا بقيمه ومبادئه بلا مزايدة ولا مساومة. وفي الختام أرجو أن نجعل من ملحق الرسالة نموذجًا على قدرتنا الفعلية في بناء المشروعات وتنوعها وشمولها بلا تعصب ولا عنصرية ولا ضيق بالآخر، وعلينا أن نحافظ على هذا الملحق العظيم وندعمه وننميه، وأن نسعى في اقتفاء أثره والسير في منافسته عبر ملاحق أخرى في صحف محلية وعالمية، فشكرًا لكل من أسس ورعى وقاد وطور وكتب وعمل في هذا الملحق، ونسأل الله أن يحفظه لنا ذخرًا نستضيء به. twitter.com/IssaAlghaith facebook.com/IssaAlghaith [email protected]