لم أصدق ما تقرأه عيناي في خبر نشرته صحيفة الشرق من أن «كسل» صيدلي أجبر سكان المدينةالمنورة على شراء الدواء من صيدليات القطاع الخاص، فالقصة غير مقنعة مع وجود مدراء متفرغين وكادر مهمته «إدارة المستودعات»، ومع ثبوت أن المفتش الحقيقي الذي اكتشف هذا التصرف غير المبالي كان إحدى المراجِعات. مما يبرر دفع مكافأة مجزية للمواطنة لاكتشافها تقصيراً لم يستطع جهاز وزارة الصحة في المدينةالمنورة اكتشافه، كما أن الأجهزة الرقابية المركزية لوزارة الصحة لم تسعفها أنظمتها لرصده، فهل يعقل أن يترك اكتشاف تجاوزات واهمال في أي مرفق حكومي..للصدفة؟ هناك خطوط ادارية متعددة واجبها واختصاصها ومسماها ووصفها الوظيفي يتمحور حول «الرقابة» وحول «التفتيش». وحيث أن ثغرة «الصيادلة الكسالى» قد تكشفت صدفة بجهود مواطنة فاضلة، فمن المناسب أن ترعى وزارة الصحة هذا الاكتشاف وتحتضنه كأن تربط آلياً صيدلياتها وتراقب مخزونها على الأرفف وفي المستودعات هيئة الرقابة والتحقيق أثبتت سلامة المخزون! لكننا ندرك جميعاً أن المخزون من الادوية إن لم يُستهلك فيتقادم ويفسد ثم يُرمى، وندرك كذلك أن عدم صرف الصيدلي «مدعي الكسل» للأدوية يعني أن ينفق المراجعون من جيوبهم ومنهم رقيقو الحال فأدوية مرض السكري ليست رخيصة من جهة والمرض مزمن والحاجة لدوائه مستمرة. حتى إن افترضنا جدلاً ان الدواء يكلف كل مريض ريالا في اليوم وأن هناك فقط مائة يصرف لهم العلاج، أي مائة ريال يوميا، فالخسائر المجمعة لهؤلاء تبلغ ستة وثلاثين ألف ريال سنوياً، أما خسائر وزارة الصحة فأكبر من ذلك بكثير تتمثل في عدم رضا المواطنين وهذا ما دفع السيدة للتقدم بشكوى. وحيث ان ثغرة «الصيادلة الكسالى» قد تكشفت صدفة بجهود مواطنة فاضلة، فمن المناسب أن ترعى وزارة الصحة هذا الاكتشاف وتحتضنه كأن تربط آلياً صيدلياتها وتراقب مخزونها على الأرفف وفي المستودعات.. فعلم إدارة المخزون متقدم نظرياً وتقنياً بما يُمَكن من إحداث قفزة في جودة الخدمات الصحية، ولا ننسى أن اليابانيين أبهروا العالم صناعياً بحذقهم في إدارة المخزون.. وبوسعنا الاستفادة من تلك التقنيات لتوفير الجهد والمال وللارتقاء بخدمة المرضى بتوفير الأدوية لهم وفوق ذلك الترصد للصيادلة «الكسالى»، ولحماية مشتريات سنوية من الأدوية تقدر بنحو 6 مليارات للقطاع الصحي الحكومي فقط.. أما الصيدلي مدعي الكسل فهو «مهمل ومقصر» لكن يبدو أنه ليس وحده.