كتبت فيما مضى عن هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفيما عدا مقال واحد مر بهدوء، فإنني كنت ألاقي صلفا ممن يعتقدون أننا ننتقد الهيئة لذاتها، ولذا كنت اضطر- في كل مرة - إلى التأكيد على أن النقد موجه ضد سلوك بعض أفراد الهيئة الميدانيين، والذين يسئؤون لهذا الجهاز الهام، ولهذه الشعيرة العظيمة، وكررت مرارا بأن الهيئة تعتبر جزءا رئيسيا وهاما في نظام « الضبط الاجتماعي». خلال الأشهر الماضية، كان واضحا أن هناك تغيرا نحو الأفضل في أداء أفراد الهيئة، وقد سمعنا عن ذلك كثيراً من قبل كثير من المواطنين، فكل لديه حكايته الخاصة، فمن ذاك الذي يروي تعاملهم الراقي مع أسرته في أحد الأسواق، إلى تلك التي تؤكد أن رجل الهيئة تعامل معها بخلق كريم، وتحدث معها بصوت خافت، وهؤلاء المواطنون هم الشهود الحقيقيون على أداء هذا الجهاز، وأعترف أنني كنت منبهرا أثناء معرض الكتاب الماضي في مدينة الرياض من حسن أداء رجال الهيئة، وخلقهم الرفيع، وتعاملهم المثالي، وقد أحجمت حينها عن الكتابة حتى أتأكد من الأمر في مناسبة أخرى، وقد حدث ذلك في المعرض والمؤتمر الدولي للتعليم العالي، والذي انعقد في الرياض خلال الأسبوع الماضي. خلال المعرض، استطاعت الهيئة أن تغير الصورة النمطية عنها والمتمثلة في الزجر والغلظة والتجهم وأحيانا التوقيف، فقد كان الرفق والحكمة والخلق الرفيع هو شعارهم، ووصل الأمر درجة أن أفرادها وزعوا حلوى الشوكولاته والقمصان التي تحمل شعار الهيئة على زوار المعرض من المواطنين والأجانب، وكانت الإبتسامة لا تفارق محياهم طوال الوقت، وتحولت الرهبة التي تصاحب رؤيتهم فيما مضى إلى مشهد مغاير تماما، فقد أصبحوا جزءا مكملا لهذه الفعالية الوطنية الهامة، وكان هذا مثار سعادة للجميع. لا يمكن لأي منصف إلا أن يربط بين هذا التطور النوعي لأداء الهيئة، وبين ربانها الجديد معالي الشيخ عبداللطيف آل الشيخ، ومع أنني لم أتشرف بلقائه، إلا أنني قرأته من خلال تصريحاته المتزنة، والتي يقول في أحدها:» شعارنا هو الأمر بالمعروف بمعروف، والنهي عن المنكر بلا منكر»، ويقول في آخر«يجب أن نتعامل مع الناس بحسن الخلق، وأن نبدأ بأنفسنا، ونكون لهم قدوة في حسن التعامل والترفع عن الصغائر، حتى نستطيع أن نوصل رسالتنا، وهي رسالة الإسلام الخالدة لكل الأمم. فيجب أن نكون قدوة حسنة حتى نتمكّن من الدخول لقلوب الناس».وختاماً، نكرر الشكر لمعالي رئيس الهيئة على جهوده هو وزملائه فيما مضى، ونطمح منهم بالمزيد، وهم بالتأكيد أهل لذلك. فاصلة: «قمة النجاح هي أن تجعل الرجل المناسب في المكان المناسب في الوقت المناسب».