د.سعد بن عبدالقادر القويعي - الجزيرة السعودية ابتزاز الدول، هو ابتزاز إرهابي في المقام الأول. تأباه الشرائع الإسلامية، والأعراف الدولية، والطباع السوية. وهي جريمة منكرة لا تقرها الشريعة الإسلامية، التي تحرم - كل ما من شأنه - العدوان على النفس الإنسانية. كما تحرم كل جرم، يترتب عليه الإضرار بأمن الناس، وأمنهم على أنفسهم، وأموالهم، وأعراضهم. يخطئ من يظن أن خطف الآمنين عمل مشروع، بل هو سمة المجرمين، والمنحرفين، وطريق نحو لغة العنف، والتدمير، - خصوصا - عندما تكون ردود الأفعال قاسية، والنفوس مليئة بالقسوة، خالية من التسامح، لمَ لا؟، وقد اشتملت تلك الجريمة على استخدام القوة، والتهديد، والتخويف، والاعتداء، والسيطرة على حرية الإنسان، فكانت بمجموعها جرائم مركبة، ينتهض كل فعل منها: أن يكون جريمة بذاته. رغم أن الحرية ليست في التعدي على الغير، أو الإساءة إليه، بل هي انضباط عام في السلوك، والأفعال؛ لنبني فلا نهدم، ونعمر فلا نخرب. لا يعطي القانون العام الدولي حق التباحث، أو الدخول في مفاوضات مع منظمات إرهابية. إذ إن مسلكا - كهذا - لا يقره شرع، ولا قانون، ولا عقل. بل إن اختطاف المسلمين، واعتبارهم سلاحا؛ لاسترداد الحقوق، أو الاستجابة للمطالب المشروعة، وغير المشروعة، عمل محرم بإجماع علماء المسلمين، - كونه - يتنافى مع قواعد الاعتدال، والرحمة، والسماحة، التي تدعو إليها رسالة الإسلام، ومنها: ألا يُسأل أحد عن عمل غيره، انطلاقا من قول الله تعالى {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}. وإن كان الخلاف وقع بين الفقهاء، والقانونيين في تكييف هذه الجريمة الكبرى، وإلحاقها على الصحيح بجريمة الحرابة، مع أنها قد تكون في بعض حالاتها بغيا. حسنا، فعل سماحة مفتي عام المملكة - الشيخ - عبد العزيز آل الشيخ، حين علّق على قضية اختطاف نائب القنصل السعودي في اليمن: عبد الله محمد الخالدي، ومساومة الخاطفين على تسليمه، مقابل إطلاق سراح بعض السجناء، قائلاً: “إن أفعالهم - هذه - جلبت لنا الويلات، والمصائب على بلاد المسلمين الشيء الكثير”. فكل ما حدث، ويحدث بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، أثارت ضدنا الممارسات العنصرية، والهيمنة التعسفية، والتحركات الاستفزازية. مع أنه من الظلم، أن يُحكم على الإسلام من خلال تلك التصرفات الخاطئة، دون النظر إلى تعاليمه، ومبادئه، ومنهجه القائم على إصلاح الكون. سيستصرخ الضمير الحي هذه الزمرة الإجرامية، بإطلاق سراح المعتقل، والتعهد بعدم تكرار مثل هذه الجرائم الإرهابية، التي لا يمارسها إلا الخارجون على الحدود الشرعية، ممن كانوا ضحية نتاج فهم خاطئ للدين، وأحكامه، وضعف في الوعي، والإدراك للمآلات، والعواقب، واستشعار المخاطر، والأضرار، فالتبس لديهم - مع الأسف - الحق بالباطل، والخير مع الشر، والنافع مع الضار.