تُعد "قضايا الابتزاز" من أكثر القضايا التي أصبحت تثار في المجتمع، خاصة مع تعدد أنواع الاتصال وسهولة التواصل بين الجنسين، وبالرغم من ذلك فكثيراً ما يتم ربط قضايا الابتزاز بنظام "الجرائم المعلوماتية" فتحكم بنظامها، وهنا يتضح أنه لا نظام محددا لقضايا الابتزاز عامة، فما يخرج عن إطار الجرائم المعلوماتية فإنه يحكم بنظام جرائم التعزيرات، حيث يترك للقاضي البت فيها، وربما توقع أشد العقوبة على المبتز. وتُعد تحديد العقوبة وتوضيحها كنظام محدد يعرفه الناس ويسهم في الحد من الجرائم المستحدثة، التي أصبحت تكثر لانعدام النظام المحدد لعقوبتها، وربما للجهل بها، فلماذا لا يتم استحداث نظام يعزز من عقوبة المبتز بدل إدراجه ضمن الجرائم المعلوماتية غالباً؟. وقال "أحمد جمعان المالكي" - محامي-: إن أكثر قضايا الابتزاز تأتي من واقع الاتصال الهاتفي بين الفتاة والشاب، وبالتالي فإنه عن طريق تلك المكالمات يستطيع أن يحصل على صورها حتى يبدأ بالابتزاز الذي إما أن يكون مالياً وإما جنسياً أو أخلاقياً، مضيفاً أن هذا المبتز ارتكب جريمة من الجرائم المنصوص عليها في نظام الجرائم المعلوماتية، بل واستخدم أداة إلكترونية للابتزاز وهو الجوال، وكذلك حينما يخترق البريد الإلكتروني للضحية سواء كانت تلك الضحية فتاة أو شاب يمارسان ممارسات خاطئة، مشيراً إلى أن ذلك منصوص عليه في الجرائم المعلوماتية، وشدد عليها قرار سمو وزير الداخلية المحدد بالجرائم الكبرى، على اعتبار مجرد التهديد بنشر الصور هي إحدى الجرائم الكبرى الموجبة للتوقيف، التي تتعامل معها أجهزة الشرط وأجهزة التحقيق والإدعاء، وبمجرد ثبوتها فإنه لا يتم إطلاق سراح المتهم إلاّ بمحكمة جزئية باتهامه بهذه الجريمة. وعن عدم وجود قانون مثبت في الابتزاز يتم من خلاله ردع المبتز؛ فبرر "المالكي" ذلك أن الجرائم في مجتمعنا الذي يحكم بالشريعة الإسلامية نصت على ثلاث أنواع: جرائم القصاص، وجرائم الحدود، وجرائم التعديلات، وتركت للولي أن ينظم بعض المسائل التي لم ينظمها الفقهاء الإسلاميين، وعلى الأخص الجرائم المتعلقة بجرائم التعزيرات، وهي تلك الجرائم التي لا تدخل ضمن جرائم الحدود أو القصاص، وتدخل ضمن جرائم التعزيرات، مبيناً أن بعض جرائم التعزيرات لها أنظمة محددة، وسبب إصدار تلك الأنظمة ليس لأن المشرع يريد إصدار أنظمة فقط، وإنما لأن نوع الجريمة التي وضع لها نظام لم يكن موجودة في عصر الفقهاء، مستشهداً بجرائم التزوير والذي لم يوضع له نظام؛ لأنه لم يكن هناك تزوير في مستلزمات رسمية، ولم يكن هناك هويات، ولكن مع ظهور جريمة التزوير ومعاناة المجتمع منها، أصدر ولي الأمر نظام التزوير بحيث حدد الأفعال الجرمية والعقوبة. ابتزاز الفتاة عبر الهاتف يدرج القضية ضمن نظام الجرائم المعلوماتية وأوضح المالكي أن قوة الأحكام الصادرة تلغي أهمية استحداث نظام للابتزاز، بل وإن أغلب الأحكام الصادرة في جرائم الابتزاز كانت رادعة وقوية جداًّ، ولا تقل عن السجن لمدة عامين، خاصةً حينما يكون ابتزازا جنسيا، مضيفاً أنه إذا دخلت كنوع من الجريمة المعلوماتية عن طريق الحاسب الآلي أو عن طريق الهاتف فإنه يطبق عليه نص نظام العقوبة في ذلك، ذاكراً أن فعل الابتزاز لا نظام محدد بعينه يحدد العقوبة، لذلك فإن الابتزاز إذا خلا من حالة الجرائم المعلوماتية، فإن القاضي ينظر إليها حسب وقائع القضية وحسب الوظيفة التي يمتهنها المتهم؛ لأنها إذا كانت وظيفة حكومية فإن العقوبة أشد، فيحكم القاضي بناء على تلك المعطيات. وأكد "المالكي" أن القضايا التعزيرية متروك تنظيمها للقاضي، وأن تقنين الأحكام لايزال الجدل قائما فيها من الناحية الشرعية، موضحاً أن المحسوبيات موجودة في التعاطي مع القضايا وليس الابتزاز، وإن كان ذلك ليس بالشائع، مطالباً بضرورة التروي والهدوء في التعاطي مع قضايا الابتزاز، خاصة حينما تتعلق بالفتاة، وذلك بالمحاولة بإنهاء النزاع من دون الإساءة لسمعتها.