إسرائيل تقصف عشرات المواقع في صنعاء    أمير القصيم يرعى الملتقى الأول للعناية بالمكتبات الخاصة    وصول طلائع الدفعة الثانية من ضيوف الملك للمدينة    أمير حائل يطلع على التقرير السنوي للتجمع الصحي    ارتفاع صادرات السعودية النفطية إلى 5.9 مليون في أكتوبر    «يوروستات»: التضخم يتباطأ في اليورو    الخريف: القطاع الصناعي يواصل نموه في 2025    وزير الدفاع يستقبل نائب رئيس الوزراء وزير الدفاع الأسترالي    التويجري: طورنا منظومتنا التشريعية في ضوء مبادئنا وأولياتنا الوطنية    عريان.. من تغطّى بإيران    نقابة الفنانين السوريين تعيد المشطوبين    «مباراة ودية» تنتهي بفكرة دورة الخليج بمباركة خالد الفيصل ومحمد آل خليفة    الأهلي يستعيد كيسيه أمام الشباب    القيادة تهنئ أمير قطر ورئيس النيجر    مصادر «عكاظ»: الهلال يحسم تمديد عقد الدوسري يناير القادم    صيني يدعي ارتكابه جرائم لشعوره بالملل    حفل تكريم للزميل رابع سليمان    البلاد تودع الزميل عبدالله سلمان    «الدفاع المدني» يحذر: أمطار رعدية على معظم المناطق حتى السبت    إزالة 16 ألف تعدٍّ بالرياض    مزارع سعودي يستخرج الأسمدة من الديدان    نور الرياض يستقطب أكثر من ثلاثة ملايين زائر    أنشطة ترفيهية    شتاء طنطورة.. أجواء تنبض بالحياة    الأمير الوليد بن طلال يكرم الشقيري لجهوده المتميزة    شراكة رقمية مع أوزبكستان    مطعم يطبخ البرغر بنفس الزيت منذ 100عام    5 أطعمة تمنع تراكم الحديد في الدماغ    آمال جديدة لعلاج مرض الروماتيزم بمؤتمر طبي    الملك عبدالعزيز الموفق (3)    أمام وزير الخارجية.. القناصل المعيّنون حديثاً يؤدون القسم    مركبة ال (72) عامًا بجناح حرس الحدود في (واحة الأمن) .. أول دورية برية ساحلية    عبدالله يضيء منزل سعيد القرني    التقرير الأول للمؤتمر الدولي لسوق العمل: المملكة تتفوق في معالجة تحديات سوق العمل    مناهل العالمية تدشن إنفينيتي QX80 الجديدة كليًا في المملكة العربية السعودية    في روشن الصدارة اتحادية.. نخبة آسيا الصدارة هلالية.. ومقترح تحكيمي    رغم التحديات إدارة الشعلة الجديدة مستمرة للعودة    وزارة الثقافة تُدشّن مهرجان «بين ثقافتين» بأمسية فنية    لكم وليس لي    بين صناع التأثير وصناع التهريج !    ريال مدريد يتوّج بكأس القارات للأندية عبر بوابة باتشوكا المكسيكي    صحة الحديث وحدها لا تكفي!    بغض النظر عن تنظيم كأس العالم!    روسيا تكثف هجماتها في كورسك وزيلينسكي يطالب بدعم عاجل    الإقليم بعد سوريا.. سمك لبن تمر هندي!    «إسرائيل» تتوغل داخل ريف درعا.. ومجلس الأمن يدعو لعملية سياسية    ضغوط الحياة.. عدو خفي أم فرصة للتحوّل؟    غزة تواجه أوامر الإخلاء وسط دعم إسرائيلي للاستيطان    «التضليل الإعلامي» في ورشة بمعرض كتاب جدة    تعليم النماص يحتفي باليوم العالمي للغة العربية ٢٠٢٤    مفوض الإفتاء بمنطقة جازان "الحفاظ على مقدرات الوطن والمرافق العامة من أهم عوامل تعزيز اللحمة الوطنية"    رئيس الوزراء العراقي يغادر العُلا    جمعية رتل بنجران تطلق التصفيات الاولية لجائزة الملك سلمان بن عبدالعزيز    محافظ محايل يلتقي مدير المرور الجديد    الأمير تركي الفيصل يفتتح مبنى كلية الطب بجامعة الفيصل بتكلفة 160 مليون ريال    الدفاع المدني : أمطار رعدية على معظم مناطق السعودية حتى السبت المقبل    أمير تبوك يستقبل مدير فرع وزارة الرياضة بالمنطقة    «العليمي»: السعودية حريصة على تخفيف معاناة الشعب اليمني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



معالي الوزير.. هل أتاكَ حديث فاطمة؟
نشر في أنباؤكم يوم 20 - 04 - 2012


عبد الله العلمي - الاقتصادية السعودية
استبشرنا خيراً عندما تقلد الدكتور محمد العيسى رئاسة المجلس الأعلى للقضاء إضافة لمسؤولياته كوزير للعدل. ومع احترامي وتقديري لجهود الوزير ومعرفتي الأكيدة أنه يسعى لتطوير النظام القضائي بالمملكة، أجد نفسي ملزماً بسرد بعض الوقائع التي آمل أن تسترعي اهتمامه، سيما أنها تتعلق بالشأن العام.
قال الوزير خلال مؤتمر اتحاد المحامين في مدينة ميامي الأمريكية منذ عدة أشهر إن ""قوانين المملكة لا تفرق بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات، والإسلام أعطى المرأة حقها وأنصفها"". حق التعليم مكفول للجميع رجالاً ونساءً، بل هو حق يشجع عليه الإسلام في القرآن الكريم والسنة المشرفة، ومع ذلك فإن تسجيل فاطمة في أي مرحلة من التعليم مرهون بموافقة كتابية من ولي أمرها. أحيل معاليكم لكتاب الحافظ ابن حجر ""الإصابة في تمييز الصحابة""، والذي شمل أكثر من 1500 امرأة من الفقيهات والمحدثات والأديبات، ما يدل على أن المرأة المسلمة كانت منذ الأزل تواقة للمعرفة دون آمر أو ولي. ألا تستدعي التفرقة بين الرجل والمرأة في الحقوق نظرة أخرى من وزارة العدل؟
المنطق نفسه ينطبق على الحصول على عمل، هو أيضاً كما ينص نظام العمل السعودي حق مكفول لجميع المواطنين من الجنسين. ولكن الواقع غير ذلك تماماً، إذ ليس بإمكان فاطمة أن تقدم على وظيفة دون إذن من ولي أمرها حتى إن تجاوزت سن الرشد، بل وبإمكان صاحب العمل فصل فاطمة وأخواتها وبنات عمها من عملهن إذا تلقى أمراًً بذلك من ولي أمرها، فلماذا لا نطبق القوانين التي لا تفرق بين الرجل والمرأة؟
وأما في التجارة وإدارة الأعمال فإن على فاطمة بخلاف ما ينطبق على الرجل أن تحظى بتوقيع ولي أمرها للتقديم لإصدار ترخيص مهني لمزاولة عملها. طبعاً ينطبق مبدأ التفرقة نفسه بين فاطمة وأي رجل آخر في ضرورة تعيينها لوكيل شرعي أو موافقة ولي أمرها لتتمكن من الحصول على أي من التراخيص المهنية التجارية المتعارف عليها. قلت يا معالي الوزير في كلمتك في ميامي إن ""السعودية تحمي حقوق الإنسان وحرياته المشروعة التي تتوافق مع صحيح نظريات وقواعد العدالة الإنسانية""، فهل سنرى قريباً إزالة تلك التفرقة بين الرجل والمرأة حماية لحقوق فاطمة وحريتها المشروعة في مزاولة عملها ما يتفق مع قواعد العدالة الاجتماعية؟ أليست قوامة الرجل على المرأة إنما تقوم على أساس المودة والرحمة فيما بينهما، وليست الرغبة في إذلال المرأة والإضرار بها؟
إذا انتقلنا لجزئية أخرى مهمة في حياة فاطمة اليومية فهي لا تملك حق العلاج الطبي دون موافقة ولي أمرها وهذا يشمل التنويم والعمليات وجميع ما يتعلق بالرعاية الطبية التي من المفترض أن تكون حقاً مشروعاً لكل من الرجل والمرأة على حد سواء. ولهذا السبب فعلى فاطمة الاستئذان من ولي أمرها حتى إن مرضت أو احتاجت لعملية جراحية. أكدت يا معالي الوزير في كلمتك أن ""القضاء في المملكة هو حارسُ المشروعية وحامي الحقوق والحريات التي ضمنتها أحكام الشريعة الإسلامية وأنظمة الدولة""، فهل حافظ القضاء على استجداء فاطمة لولي أمرها للحصول على الرعاية الطبية وحمى حقوقها وحريتها التي ضمنتها أحكام الشريعة الإسلامية؟
وفي الأحوال الشخصية قضية أخرى، إذ ليس بإمكان فاطمة مراجعة بعض الدوائر الحكومية المختصة لاستصدار بطاقة أحوال أو جواز سفر دون إذن ولي أمرها وحضوره شخصياً ليمنحها هذا الحق. عندما دخلت فاطمة إحدى المؤسسات الحكومية للسؤال عن معاملة تخصها، نهرها المسؤول بكل ازدراء صارخاً: ""عندك معرف؟"". إذا كنا ما زلنا لا نستطيع احترام كينونة المرأة فكيف ننجح في اشتراكها في بناء المجتمع؟
اسمح لي معالي الوزير أن أقتبس من كتاب الشيخ محمد أبو زهرة وهو أحد أئمة مشايخ الأزهر (الولاية على النفس) ويشرح فيه بإسهاب سلس وبسيط مدى نهاية الولاية على الأنثى، فيقول: ""تنتهي الولاية على النفس بسبب الأنوثة ببلوغ الأنثى السن التي تكون مأمونة فيها على نفسها، ولا تحتاج فيها إلى من يجنبها الأخطار التي تتعرض فيها كرامتها وعرضها وكرامة الأسرة التي تنتمي إليها للهوان، أو تبلغ من المنزلة العلمية والعملية ما تستطيع به أن تصون نفسها، وتحميها من غير معونة من وليها"".
من أكثر الأمور التي كانت تسبب الأرق لفاطمة وجود أنظمة تقوي من تسلط الرجل ""الولي"" على المرأة بحق وبغير حق، فتمادى بعضهم في تسلطهم لدرجة حرمانها من حقها في راتبها ونفقتها وسفرها وحصتها من الميراث وحضانة أطفالها. لا تجد فاطمة وغيرها من النساء المطلقات من ينصفها ويحميها من الظلم الواقع عليها نتيجة تسلط ولي أمرها. ألم يحن الوقت لتفعيل ""مدونة الأسرة"" والتسريع بإنشاء المحاكم المتخصصة كالأحوال الشخصية وغيرها؟ باختصار، فاطمة تريد الحصول على حقوقها بسلطة القانون وليس بحب الخشوم.
معالي الوزير إني على ثقة تامة بجهودك لتطبيق التحديثات الأخيرة لنظام السلطة القضائية في شقيها الممثلين في وزارة العدل والمجلس الأعلى للقضاء، وهي مكملات تطويرية تمليها مستجدات الواقعة القضائية والأفكار الإجرائية الجديدة. كما إني على علمٍ بالصعوبات ووجهات النظر المتشددة التي تواجهها وزارة العدل في تطبيق أنظمة عصرية ومرنة قابلة للتحديث والتطوير.
ليس لدي أدنى شك سيدي أن بإمكان هذه الأنظمة أن تكون عادلة بين جميع المواطنين والمواطنات وأنك مقتنع مثلي تماماً أننا نُسَلِم بأهلية المرأة السعودية وحقها كإنسان أولاً وكمواطنة ثانياً في التعلم والعمل والكسب والعلاج والتنقل. الهدف هو ترسيخ مبدأ ""سيادة القانون"" وتعزيز استقلال السلطة القضائية وفق أحكام المادة (46) من النظام الأساسي للحكم والمادة الأولى من نظام القضاء.
آمل معالي الوزير أن يكون قد وصلك حديث فاطمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.