أصبح الحديث عن ارتفاع نسبة مرضى السكري والبدانة في السعودية كالأسطوانة المشروخة من كثرة تكرارها حتى بدأ الناس يتعودون ذلك، وأنها مجرد رقم يذكر ثم لا يثير أي ردود فعل أكثر من هزة رأس ومصمصة شفاه ويعود الناس بعدها إلى ما هم فيه، وبحسب بيانات وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية فإن السعودية تحتل المرتبة الثالثة عالميا في عدد مرضى السكري لديها، وفي العام الماضي فقط زادت نسبة الإصابة بالمرض 30% منها 5% بين الأطفال و 50% بين الشباب، أي أنها ليست إصابات متوقعة بسبب الكبر في السن، ونتيجة لذلك هناك 17 شخصا تبتر أطرافهم كل يوم بمجموع ستة آلاف حالة سنويا، بحسب تصريح مدير مجمع الأمير سلطان لتأهيل ورعاية المعاقين بالشرقية عبدالله المغامسي للوطن، والأسباب معروفة مع كل هذه الأرقام المفزعة أو المفترض بها أن تكون مفزعة، وهي تغيير نمط الحياة اليومي والنظام الغذائي أي العادات الغذائية وقلة الحركة بالإضافة إلى الضغوط النفسية وما يتفرع عنها من أسباب كالسمنة، ويحذر المختصون دائما من ذلك، فوزير الزراعة عندما تحدث عن العادات الغذائية السيئة وضرورة تغييرها قامت الدنيا وقعدت وكذلك وزير التجارة السابق، والدكتور فهد القاسم انتقد في دراسة له العادات الغذائية للسعوديين، ووصفهم بأنهم أكثر الشعوب استهلاكا للحوم الحمراء، ونحن قوم نعز الأرز إعزازا شديدا، والشباب لدينا يعرفون مضار الأغذية السريعة والمشروبات الغازية والطاقة ومع ذلك لايمكنهم مقاومتها. نصائح المسؤولين والأطباء وخبراء التغذية والمربون والأهالي لاتتوقف عن أضرار الغذاء غير الصحي وعن انتشار السمنة وخطرها على الصحة حتى مللنا، ونقلت في وسائل الإعلام بالصوت والصورة والأرقام والمخاطر حتى تعودنا وصارت جزءا من شارات البرامج أو الفواصل الموسيقية، ولكننا مع ذلك لم نرَ برنامجا أو حملة وطنية حقيقية لتشجيع الناس على تغيير عاداتهم الغذائية أو تساعدهم على زيادة الحركة وممارسة الرياضة، وتكون مدروسة وشاملة وعملية وتوفر لها البنى اللازمة لتنفيذها وليست مجرد نصائح وإرشادات مملة وممجوجة بالنسبة للغذاء، وبعض ممرات ومماش للحوامل غير مهياة للمشي المريح والممتع بالنسبة للحركة، وأتصور أنه حان الوقت لننتقل من مرحلة الشعارات والنصائح والتحذيرات إلى برامج وطنية حقيقية ذات مراحل نستطيع فيها أن نقيس ما أنجزناه بعد كل مرحلة تقوم بها الجهات المعنية حتى لا يفقد أفراد مجتمعنا أطرافهم.