تعتقد هذه المرأة المكلومة أن مقالاً شارداً سيبعث الأمل، وسيحرك دفاتر ضبط القضاة، كي تشاهد ابنتيها من زوجها السابق تعتقد هذه المرأة المكلومة أن مقالاً شارداً سيبعث الأمل، وسيحرك دفاتر ضبط القضاة، كي تشاهد ابنتيها من زوجها السابق، بعد غياب دام تسع سنين وخمسة أشهر وثلاثة أيام منذ ما قبل الأمس، ولكم أن تتحرك الضمائر المحنطة على أم تحسب أيام الفراق وسنينها بعقارب الساعة. أنا أعرف قصتها جيداً، حتى وهي تبعث لي بعمها الصغير ليطلعني على تفاصيل المأساة الورقية. إنه يشرح لي كل ما أعرف. احتاجت هذه المرأة ثمان سنين في دوائر القضاء كي تحصل في النهاية على الطلاق، رغم أنها التي طردت من المنزل في غمرة منتصف مساء مظلم. ومن الصعوبة بمكان أن أفند في مساحة محدودة تفاصيل الجلسات التي دامت ثمان سنين، فكلها جلسات جدل إسطنبولي. الإحباط المطبق الذي يتملكها اليوم هو ذات الإحباط واليأس من الإنصاف الذي يتملك ولي أمرها من التقدم لذات دوائر القضاء كي تشاهد البنتين بعد تسع سنين وخمسة أشهر وأيام ثلاثة، فإذا كانت ورقة الطلاق قد احتاجت إلى ثمان سنين فكم هي العقود والدهور التي تحتاجها مرافعات جديدة كي تتمكن الأم من رؤية بناتها بمثل ما يقول شرع الله المقدس الذي نعلم أنه سر تميزنا ومدعاة خصوصيتنا بين الأمم, وإذا بنا نحيل ما كان من أمر الله صريحاً ومباشراً إلى جلسات مرافعات وأوراق ضبط حتى في القضايا التي لا تحتاج من قاض إلى ربع ورقة. ومثل هذه الأم بيننا بالآلاف والمشكلة أنهن ما دمن بالآلاف فإن هذا الرقم يتحول إلى كابوس يأس وإحباط؛ لأن كل أم تدرك أن لكل رقم من هؤلاء ذات القصة، فلماذا ترفع أوراقها، إذا علمت أنها، وبكل تأكيد، أنها ستصبح رقماً جديداً مضافاً إلى الأوراق القضائية السابقة. وسؤالي الصريح المباشر إلى الإخوة الفضلاء في سلك القضاء: ما الذي يحتاجه القاضي الموقر من براهين وإثبات وحيثيات ليصدر حكمه لأم مطلقة أن تشاهد أطفالها من زوجها السابق؟ ما المبرر الذي يحتاجه القاضي حتى لإكمال الجلسة الأولى من المداولة فما بالك بمداولات كل هذه السنين الطويلة؟ ما الذي يحتاجه القاضي من دراسة لمثل هذه القضايا الإنسانية غير كلمتين: التنفيذ الفوري أو السجن. أختم بكلمات عمها "المندوب"، وهو يكفكف دموعه حسرة على هذه المأساة التي تعيش في بيتهم كل هذه السنين إذ يقول: لقد "صجّونا" بالمرأة سافرة أو لابسة عباءة على الكتف أو داخلة لسوق أو معرض، وجندوا لهذه القضايا كل الحشود والبيانات والأساطين، بينما نسوا هؤلاء الآلاف من النساء وهن يعبرن السنين والعقود إلى الأمل المستحيل كي تشاهد من كان في جوفها لتسعة أشهر. توادعنا بالدموع وهو يظن أن المقال المنتظر سيحرك ضمائر قد لا تتحرك.