نظام الميراث في الإسلام واضح وضوح الشمس في رابعة النهار وما يحصل من عبث في هذا النظام مرده إلى الجهل أو العند أو التأثر بأعراف بالية لا علاقة لها بشرع الله. وعلى الرغم من كل الوضوح الشرعي في مسألة الميراث إلا أن قضايا النزاعات فيها تستحوذ على جزء لا يستهان به في المحاكم وجلها تتعلق بحرمان النساء من الميراث أو تأجيل توزيع التركة لعدة سنوات وما يترتب على ذلك من وفاة لأحد المستحقين في بعض الحالات ومطالبة ورثة المتوفي بحصة أبيهم أو أمهم والدخول في متاهات جديدة تسبب المزيد من التأخير، ومما يضاعف الألم في مثل هذه الحالات ضعف خبرات بعض القضاة أو الميل والترجيح للطرف الرجولي على حساب النسوي لحاجة في نفس يعقوب ولا حول ولا قوة إلا بالله. إن العدل والإنصاف المنبثق عن التشريع الإسلامي العظيم أعاد – بعد الجاهلية – للمرأة مكانتها بعد أن كانت مهدرة الحقوق مسلوبة الإرادة، ومنحها الكرامة في ولايتها على ممتلكاتها وأموالها، وأعطاها حق الزواج وحق الرفض وحق التعليم وحق العمل وضمن لها حق الإرث حيث قرر لها نصيباً منه لا منة ولا فضل لأحد فيه إلا رب العالمين. يقول الحق: (لِلرِجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا)، إن ما يحدث اليوم وبكل أسف من بعض الناس ممن ملئت قلوبهم طمعاً وجشعاً واستولت على عقولهم تقاليد الجاهلية بدعوى القوامة أو غيرها، نسمع دوماً ما يحدث من ظلم للورثة من أقاربهم وتتفاقم المشاكل حتى تصل إلى قطيعة الرحم والعداوات وسببها تعطيل وتأخير قسمة (التركة) والجور فيها كأن يعطي جزءا ثم ينتظر الوارث سنوات أخرى ليحصل على جزء آخر دون أن يتم توزيع كامل التركة كما هو متعارف عليه عند بعض المجتمعات حيث يسارع الوكيل أو الأصيل إلى الإعلان لتبرئة ذمة الميت بغرض تصفية الموجودات لتقسيمها القسمة الشرعية على الورثة، وفي بعض المجتمعات يتقدم الابن المفضل من والدته ويهيمن على الإرث ويدعي الأبوة ورعاية المصلحة وأن حال السوق اليوم غير ملائم وينبغي التريث في تصفية التركة وتمر السنون وتتفاقم المشاكل وتتقطع الأرحام وتبارك الأم خطوات الابن فيحدث الانقسام داخل العائلة الواحدة وفي حالات يكون الجهل مركباً فتصدر الأم تعميماً بمقاطعة فلان وفلانة وغيرهما ولنا أن نتصور ما يحصل من فتن وانقسامات مردها وقاحة البعض وافتقادهم للآداب العامة وغياب المرجعية ويقف بعضهم بسلبية متناهية دون تأدية الواجب لإحقاق الحق ورفع الإجحاف والظلم. إن على العقلاء أن يدركوا أنه لا سبيل للحفاظ على تماسك الأسرة إلا بتطبيق شرع الله ونبذ كل ما يسبب الفرقة، وقاتل الله الخراصين الذين يظهرون أنهم صادقون. وأختم بالتالي: ثلاث جزاؤهن في الدنيا والآخرة: الحج ينفي الفقر، والصدقة تدفع البلية، وصلة الرحم تطيل العمر، ونسأل الله أن تزال الأصنام من الأذهان.