المناصحة مبدأ عملي لعودة الحق إلى نصابه، يعتمد على قواعد الدين الحنيف وما أوصى به من تجنب كل ما يجلب الضرر للمسلمين، نتيجة بعض المخالفات التي ترتكبها فئات معينة، ويدفع ثمنها الناس في أنفسهم أو أموالهم أو أمنهم أو غير ذلك مما ضمن الدين حمايته، وسنت الأنظمة وصدرت القرارات لدرء مخاطره، وتجنب عواقبه. من أجل ذلك تبنت الجهات المسؤولة هذا المبدأ لإعادة المخطئين إلى جادة الصواب، الذين مارسوا الارهاب وجلبوا على البلاد والعباد ما لا يمكن السكوت عنه، وثمة تجاوزات من نوع آخر بدأت تستشري في بلادنا يمكن تسميتها بالتجاوزات العقارية، مما يستوجب مناصحة مرتكبيها للعودة إلى جادة الصواب، رحمة بالبلاد والعباد، فاحتكار الأراضي، والمبالغة في أسعارها، أدى إلى حرمان معظم المواطنين من الحصول على أرض سكنية هي في الأصل من حقوقهم الشرعية، لكنهم أصبحوا يصطدمون بحاجز يتطاول يوما بعد يوم يسمى ارتفاع اٍسعار الأراضي السكنية، رغم أننا نعيش في بلد من أكبر البلدان مساحة وأقلها سكانا، حتى تفوقت أسعار الأراضي السكنية على كثير من الدول الأقل مساحة والأكثر سكانا، وهذه معادلة مقلوبة وغير عادلة بسبب امتلاك القلة من الناس مساحات شاسعة من الأراضي، وحرمان الكثرة من الناس منها، دون وجود أنظمة تفرض رسوما على محتكريها، بل حتى الزكاة لا تدفع عنها لأن هناك من يبرر عدم دفعها، مما عطل تحريك وضع تلك الأراضي في اتجاه البيع أو استغلالها للبناء، مع أن هذا الاحتكار يحرم الأغلبية من المواطنين من الحصول على أراض سكنية وبسعر معقول ومقبول، يتناسب مع معدلات الدخل للمواطنين، وهذا ما لفت أنظار الكثيرين لهذه المشكلة القائمة التي لا أحد يعرف متى تنتهي، بل هي تصاعد مستمر، كما لا أحد يعرف ما هو دور مجلس الشورى في السعي لحلها. أصحاب هذه الأراضي الشاسعة يحتاجون إلى المناصحة، كغيرهم ممن يجلبون الضرر على البلاد والعباد، حتى يتخلون عن مواقفهم المتعنته وهذا ما دفعني لطرح هذه الفكرة لعلها تلقى ما تستحقة من البحث والقبول، فأصحاب هذه الأراضي الشاسعة يحتاجون إلى المناصحة، كغيرهم ممن يجلبون الضرر على البلاد والعباد، حتى يتخلون عن مواقفهم المتعنته، والتي تتلخص في احتكار الأراضي والمبالغة في أسعارها، غير مهتمين بكل ما ينطوي عليه تصرفهم من أخطار، تعرض المواطن للمعاناة الشديدة، بعد أن يضطر لرهن نفسه ما يقرب من ربع قرن، عند أحد البنوك عندما يلجأ إلى القروض البنكية، وما يترتب عليها من فوائد وعمولات مشكوك في شرعيتها لدى من يلحقونها بالربا، وهي قروض غير متوفرة إلا لفئات معينة من الموظفين مع أنها تقصم ظهر المقترض، وتدفعه إلى حافة الفقر، وربما اضطر إلى تدوير قرضه ليصبح كمن يمشي في بحر من الرمال المتحركة.. كلما تقدم خطوة زادت احتمالات غرقه في تلك الرمال، وفي يقيني أن المناصحة من ذوي الرأي السديد والعلم الشرعي الرشيد، ربما أعاد بعضهم إلى جادة الصواب، واكتفى بالربح القليل، مع أن بعضهم لم يدفع في أراضيه سوى تكلفة التخطيط. ربما بدت فكرة المناصحة ساذجة في نظر الكثيرين، ولكني ومن باب حسن الظن أعتقد أنها ربما عادت بنتائج إيجابية، والتجربة هي الوسيلة الوحيدة لإثبات النجاح أو الفشل.