كنت أعتقد أن المقالات والأخبار الغربية المنشورة عن العالم العربي وخصوصاً السعودية، لا تحقق انتشاراً ومقروئية في مجتمعاتها إذا لم تأخذ في اعتبارها المسألة الدينية وقضايا المرأة أو الاثنين معاً، واكتشفت أن المعادلة نفسها لا تختلف في الداخل العربي، فقد حضرت في مهرجان الجنادرية الأخير، وقبل وأثناء معرض الرياض الدولي للكتاب، وفي المشكلة بين هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ورئيسة جمعية «فتاة الأحساء» في النسخة الثالثة من معرض «منتجون»، وتسيدت المرأة المشهد لوحدها وبكثافة في بعض الأحداث، واحتمال ترك الصحافة السعودية لهذا الخط مستبعد، لأن المتابع يطلبه ويحرص عليه، ولا أعرف تاريخ الموضة وظروف ولادتها، ويجوز أن المتابعين قد يقبلون عليها هربا من واقع الجوار العربي الملطخ بالدم والسواد والتعاسة والإحباطات المتكررة، ومن الإشاعات، أن بعض السعوديات ممن كن يقدن السيارة بمرافقة مصور، ونشرت الصحافة الإلكترونية والمطبوعة أخبارهن في مناسبات سابقة، دخلن في هذه التجربة بتحريض صحافي ولأهداف تسويقية بالدرجة الأولى، والإشاعة تبقى إشاعة ما لم يقدم دليل يؤكدها أو ينفيها، وعندما تغيب المعلومة أو يتم تغييبها للأسف، تصبح الإشاعة في حكم الحقيقة المؤكدة، وأحياناً أكثر مصداقية من أي حقيقة تأتي بعدها مهما كانت قيمتها. ذكرت في كتابات مضت أن انتحال الصفة من المحتسبين أو غيرهم يحتاج لتفعيل الحلول العقابية المعطلة، وهو رأي لم أخترعه فقد أكدت عليه شخصيات دينية لها وزنها المحلي والإسلامي، ومنهم الشيخ عبدالله بن منيع والشيخ الدكتور يعقوب الباحسين، والعقاب مهم لأنه يمنع المنتحل من استسهال تصرفه والتمادي فيه، ويقلل من فرص استغلال الآخرين لاحتمال انتحال الصفة في تبرير تصرفاتهم ضد من يعمل في المؤسسات الدينية أو المدنية، وما ذكر لا يعني بدون شك أن الاحتمال غير وارد، فالشواهد عليه موجودة ولا يمكن إنكارها، وفي مشكلة العفالق ومعرضها للأسر المنتجة، حضرت الصفة ومعها التصرفات الارتجالية وغير المسؤولة إن صحت، وأستغرب عدم الالتفات لما تعرضت له العفالق من انتهاك لحريتها الشخصية، والاحتفاظ بالموبايل الخاص بها ولمدة أربع وعشرين ساعة رغم ما فيه من صور عائلية، وانتزاعه منها بالقوة وإصابتها بجروح في يدها، نتيجة لمعركة شد وجذب مع موظف في الهيئة لم يعرف بنفسه ومازال مجهولا وليس من محارمها، وسبب المعركة تصويرها بكاميرا الموبايل لمشهد تعامل فيه هذا الموظف مع زائر في المعرض ب«جلافة»، والموظف تلفظ عليها بعبارات لا تليق بحضور ما يقرب من ألف وخمسمائة شخص، أو كما قالت العفالق في تصريحات نشرتها الصحافة السعودية، وهؤلاء شهود إثبات أو نفي ويجب سؤالهم عما حدث، والهيئة ورجالها في نقلتهم النوعية الجديدة يستحقون الشكر والتقدير، والتغير في أسلوبهم واضح وجميل والدليل سماحهم لبائع في معرض العفالق بالبيع وقت الصلاة، عملا برخصة شرعية تجيز لمن خاف على ماله التخلف عن صلاة الجماعة، والرخصة المذكورة لم تكن واردة أو معروفة في الممارسات القديمة لنفس الجهاز أو المحسوبين عليه، ولم أفهم أسباب مرور الهيئة العابر أو ربما تجاهلها لتجاوز خطير اعترفت به ابتداء، وجاء في تبريرها أنه وقع لأن العفالق صورت موظف الهيئة، وفي محاولاتها اللاحقة لإعطاء صفة نظامية لما جرى، ركزت الهيئة على جوانب هامشية من نوع الشحن المسبق ضدها، وهذا البعد النفسي يصعب تأكيده بدون تقرير من مختص، وأيضاً وجود مخالفة في المعرض أو مهرجان إنشادي وليس «غنائيا» لم تحصل العفالق أو الجهة المنظمة على تصريح بإقامته، رغم أنها حصلت على تصريح بإقامة المعرض، وهناك فرق فالمهرجان يحتاج إلى تصريح إضافي. عجيب فعلا، انتهت كل الأعذار وأصبح التصريح وغيابه الجزئي والشحن المسبق قضية مصيرية ومفصلية، ألا توجد خيارات منطقية يمكن احترامها أو القبول بها. القضية مازالت معلقة وتحتمل الصدق والكذب وتعميمها مرفوض، وننتظر رأيا نهائيا من رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو هيئة حقوق الانسان السعودية في شكوى العفالق المقدمة لهما.