ملايين المواقع والروابط الإلكترونية تنهال علينا في الفضاء السايبروني كل يوم شكلت من خلالها ثورة المعلومات وغيرت كثيرا من المفاهيم والآليات والثقافات ومصادر المعرفة وطرق التواصل، وحملت معها النفيس والرديء، النافع والضار، الأخلاقي والإباحي، مما جعل هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات تتلقى خلال عام 1.6 مليون طلب حجب مواقع إلكترونية، أي أكثر من ثلاثة طلبات في الدقيقة، عدا ملايين المواقع التي تقوم الهيئة تلقائياً بترشيحها وحجبها عبر كلمات دالة على الجنس والإباحية وغيرها، فيما تصل طلبات رفع الحجب 16% من عدد طلبات الحجب ولم توضح المدينة عدد العمليات المنفذة في طلبات الحجب أو الرفع، ومن الطبيعي أن تكون هناك جهة تتولى هذه الأمور بصرامة خاصة فيما يتعلق المواقع الإباحية والمشبوهة سواء كانت دينية أو سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية كالمواقع التي تجند المتطرفين أو تدرب الإرهابيين أو تسيء إلى الثوابت الدينية. ما أخشاه هو أن يكون شعار القسم الخاص بحجب المواقع في هيئة الاتصالات «الموقع إللي يجيك منه الريح احجبه واستريح» وتمتد قاعدة سد الذرائع الفقهية إلى الهيئة وبالتالي ندخل في شبهة كتم العلم ومحاذير اللجام الناري الوارد في الحديث النبوي الشريف، فهناك جهات كثيرة تملك حق الحجب مثل الإمارات والجهات الأمنية والتجارة والشؤون الإسلامية والثقافة والإعلام بحكم الاختصاص ولا غبار في ذلك، لكن يجب أن توضع ضوابط ومعايير موضوعية للحجب بحيث لا تخضع لمزاج طالب الحجب أو توجهاته أو حساسيته من وجع الرأس وحموضة المعدة، وتحجب ما هو ضار لمجتمعنا ولإنساننا ديناً وخلقاً وممارسة حياتية بأدلة قطعية واضحة أما ما هو خلافي أو يخضع لوجهات النظر والنقاش فيفسح له المجال وتتاح له الحرية في الوصول للناس تحت طائلة المحاكمة والمقاضاة فيما يتضرر منه الناس والمجتمع.