نجيب الزامل - الاقتصادية السعودية * أهلا بكم في "مقتطفات الجمعة" رقم 428 *** * دافعنا دوماً المحبة لا الكراهية، فنحن نقف ضد الحكومات القاهرة لشعوبها لا تدفعنا طاقاتُ الكراهية، وإنما تدفعنا طاقةُ المحبَّةِ لتلك الشعوب. *** * إن المقاطعة والتوقيف والمنع ليست سياسة صالحة بأي مقياس، ونقول ونردد هذا الكلام كثيرا، بل إن أردتَ أن تجعل شيئا ينتشر ويذيع بين الناس بأقوى وسيلة ممكنة فامنعه أو قاطعه، أو عاقب القائمين عليه. المقاطعة أو العقاب في مسائل أرى أنها لا تنفع إلا برواج الإشاعة، وترويج شعبيةٍ لموضوعٍ ستغلب عليه عاطفة الناس لتقف مع من وقع عليه المنعُ أو العقاب، وستُفَسَّر ضعفا في القدرة على رد الرأي بالرأي.. إن الرأيَ إن لم يكن خارجا على اتفاق العموم، أي إن لم يكن معرِّضاً أو معارضاً للدين، أو مجافيا للأخلاق، أو دعوة صريحة للجريمة أو هز الأمن بالرغبات الشريرة الواضحة، فمنعه هنا يعطيه قوةً وثباتاً، لأنك عندما ترد على الرأي بالقوة.. فقد يكون علامة لأي شيء إلا أن يكون علامة حقيقية للقوة! *** * شخصية الأسبوع: الدكتور عبد العزيز قاسم لا يحتاج إلى أن يقف معه صديقٌ مثلي، فهو قوي الحجة وبزعمي صادق الوجدان وثابت الانتماء لدينه ووطنه، بشهادة ما يقوم به لا بشهادتي. وعبد العزيز قاسم ليس راديكاليا عصبيا، ولا هو مندفع متحمس للظهور، ولا يفقد صفة التروي وقياس الرأي وتحري عواقب الرأي، ربما كان عيبه أنه يصرح عن حبّه، وبعض المحبوبين يشترط في محبته ألا يكون محبوه صرحاء معه، وهذا ما لا يستطيع أن يفعله عبد العزيز. لم أسمع ولم أقرأ لعبد العزيز قاسم إلا مناصرة لدينه، ودعما لسلامة أمن بلده وخلقا رفيعا في التخاطب مهما بلغت منه الصراحة، فلا هو غضوب، ولا هو من المتهاونين.. إن التعامل مع رجل مثل الدكتور عبد العزيز قاسم في ظل ظروف مثل هذه هو الحفاظ عليه لتوازن صفاته في ظروف بعُدَت عن التوازن.. إن منع المتوازنين المحبين والموالين بما يصرحون به يصير بمثابة إطلاقٍ صاروخي في غلاف فضاء الشهرة، ليكون ما أُريد منعه أيقونة مضيئة رغم محاولات الإطفاء. لعل الأمور تكون غير ما ظهرت به، ويعود الرجلُ كريما لمكانه وبرنامجه في قناة دليل، ويستمر كرمه مع بلاده، وتمسكه بما تدله عليه علامات الطريق من تعاليم دينه. *** * كتاب الجمعة: إن الشبابَ المسلم حائر بسبب كثرة المواجهات الدينية في الآراء، والتراشق في التهم، والتعصب من جهة والتهاون اللاديني من جهة أخرى. وكتابُ اليوم مناسبة لنفكر في شباب إسلامي بالملايين لا يعيشون في بيئات إسلاميةٍ كاملة، وإنما في شتاتٍ عالمي بين مختلف الأجناس والمعتقدات والأديان، وهم يحتاجون بشدة لعلماء ومفكرين إسلاميين واسعي الإدراك والتفهم يوضحون لهم بسطوع فكرٍ وبحدبٍ ومحبةٍ طريق الجادة القويمة. ويبقى أن الحيرة هي من نفس مكونات ثورة وزوغان عقول الشباب في أي مكان. خرج كتابٌ راج في أمريكا وطُبع بعدة لغات، ويعتبره ناشروه من أهم صفقاتهم التجارية، وهو أول تأليف لشاب باكستاني أمريكي اسمه "أيَاد أختر" عاش حياته في مجتمع أمريكي كما يقول لا يراه ويعتبره هامشيا غريبا ولا يمكن فهمه، يعيش في بيئةٍ باكستانية في المجتمع الأمريكي مع أبٍ وأم ناكفا الدين الإسلامي وحثاه حتى على أكل الخنزير ومصادقة الفتيات، ثم انفتح على مجتمعه المتدين وبعض المعلمين المتشددين ووقع في الحيرة والتيْه، وخرج بفكرٍ متضارب يظهر جليا بين سطور كتابه "درويشٌ أمريكي" American Dervish وأهمية الكتاب أنها سيرة مشوشة لحياة صبي وشاب استعصى عليه فهم الأمور، فغرق فيها. *** * والمهم: كتب والي الخليفة عمر بن عبد العزيز على خراسان يستأذنه في استخدام العنف ضد أهلها، قائلا: "إن أهل خراسان لا يصلحهم إلا السيف والسوط"، فرد عليه الخليفة: "كذبْت! بل يصلحهم العدلُ والحقُ، واعلم أن الله لا يصلح عملَ المفسدين". فمن يقول في هذا الزمان إن هناك من هو أكثر إدراكاً لفهم الإسلام من الخليفة الصالح عمر بن عبد العزيز، وأشدّ غيرةً عليه منه؟ في أمان الله..