أصدر أكثر من مئة عالم ومفكر وداعية من مختلف التيارات الاسلامية والسياسية بياناً بشأن سورية، تنوعت توجيهاته بين التوعية والتعبئة. والبيان في مجمله جيد ويمس الواقع ولكن لنا هذه الملاحظات: نتساءل ما الفرق بين بيانات العلماء على امتداد التاريخ المعاصر؟! في السابق كانت البيانات تستند الى النقل (الخبري) ثم تطورت الى الاستفادة من وسائل الاتصال والقنوات الفضائية. واليوم ومع التقدم المذهل في عالم الاتصالات الرقمي ووسائل التوثيق والذي اصبح متاحاً للخاصة والعامة اصبحت الحقيقة جلية لا مكان فيها للالتباس والخطأ ولهذا فقد جاء البيان من حيث فهم البعد الجنائي والدموي للحدث السوري صحيحا ودقيقا، وكما وصفها البيان بالمجزرة القاتلة التي تتم بأيدي وحوش مجرمين. أعتقد ان هذا البيان (على اهميته) الا انه جاء متأخراً وقد تجاوزه الحدث بعدة مراحل. فإذا كان البيان قد اشار الى الجامعة العربية في بدايته بأدائها الركيك عندما قال ايضاً: «تابع الاتحاد ما قامت به الجامعة العربية من منح المهلة الواحدة تلو الأخرى». فقد انتهى البيان بمطالبة ذات الجامعة العربية ومنظمة التعاون الاسلامي ببذل كل ما في وسعهما لانقاذ الشعب السوري. بصراحة، والذي اراه امامي تكرار لسيناريو الحدث الفلسطيني، حيث هول الجريمة والتعقيد في الاليات السياسية والتواضع في ردة الفعل العربي بما فيها ادوار العلماء، ما الذي يدعوني الى هذا الرأي؟ بصراحة، انا على قناعة بأن الحدث السوري تجاوز في هوله وخطورته ودمويته وقبل هذا وذاك تعقيداته السياسية، جميع احداث الثورات العربية التي اطاحت بثلاثة او اربعة انظمة العام الماضي. ونحن اليوم، وامام الاستخدام الروسي والصيني لحق النقض او (النقص)... الفيتو، يجب ان نعي ان المعركة اصبحت اشد ضراوة وان القتل سيتضاعف ويستمر وبغطاء وشرعية دولية. ومثل هذا البيان يتعامل مع الحدث بصورته المبسطة الداخلية، وبما ان البيان وجه خطابه الى جهات سياسية فلماذا اقتصر الخطاب الى جهتين هما الاضعف؟ هلا وسع البيان خطابه الى ابعد من ذلك؟ وكان بودي لو ان البيان توجه الى الدول التي انتصرت بثوراتها، وتتصل بنبض الشارع الذي تجاوز الانظمة كي لا تتحمل قطر مثلاً أكبر من طاقتها او لا تتفرد تونس بمبادرتها... ان عنصر الزمن مرعب ومرّ ويجب الا يغيب عن اي اجراء عربي او اقليمي.