ونحن نترقب نتائج أعمال هيئة مكافحة الفساد بعد إنشائها ونعول عليها كثيراً في تقويم وإصلاح الخلل في كثير من الممارسات في المجتمع وكأننا نقول يا رب أرزقنا بجهاز قوي لا يخاف في الله لومة لائم ولا يخشى القوي قبل الضعيف مستمدة في ذلك وقبل كل شئ شرع الله أولا ودعم القيادة له على كافة المستويات متخذة أسلوب الصراحة والشفافية والوضوح نبراساً لها في آلية عملها، تفاجأنا جميعاً ونحن نطلع على الإعلان الأخير للهيئة عن الرقم الخاص بالبلاغات وكيفية التبليغ وطريقة إيصال البلاغ وتقديمه، وما تضمنه الإعلان في تصريح رئيس الهيئة من شروط حول ذلك، قبل التطرق لهذه الشروط نحن نقف مع الهيئة في ضرورة التحقق والتأكد من المعلومات قبل رفعها وإيصالها للهيئة، لأنه بشكل عام ( إن بعض الظن أثم ) وكلنا متفقون على ذلك، ولكن أن تكون شروط تقديم البلاغات بهذه الصورة المتشددة التي قد تصل إلى حد التعجيز على المبلّغ وتخويفه وجعله كمتهم آخر في الموضوع فهذا قد يعيق عمل الهيئة ويضعف مصادر معلوماتها ويضيع عليها فرصة كبيرة في تعاون المواطنين، ولنا أن نبحر قليلاً في هذه الشروط لكي نعرف مدى توافقها وملاءمتها مع ثقافة ونشرالحقيقة وتوجه المجتمع في كبح جماح الفساد الذي ساهم في ضياع فرص تنموية وحقوق وطنية عديدة على الوطن، عندما تقول الشروط إن البلاغ لا بد أن يكون مكتوباً بخطاب موجه لرئيس الهيئة أوالحضورالى مقر الهيئة وان كان ذلك مقبولا لزيادة الحيطة والتأكد، ولكن قد يصعب في بعض الاحيان تلبية ذلك ونحن نعرف وضعنا الاجتماعي، ويضاف للشروط كتابة إسم المبلغ كاملاً مع التوقيع! ورقم الاتصال والعنوان ورقم الهوية وأن يكون البلاغ جدياً (لا أدري هل ممكن أن تكون بلاغات ترتبط بالفساد وتكون هزلاً!) وأيضاً أن يكون واضحاً في صياغته ومحدداً في موضوعه ( أي أن الذي لا يعرف الصياغة لا يبلغ عن حالات فساد!) وأيضاً الا يتضمن شكاوى كيدية قد يتعرض مقدمها للمسائلة وهذا أمرمتفق عليه حتى لا يخرج البلاغ عن الهدف منه، ولكن ألا يقصد من هذه الشروط التخويف والترهيب كذلك من الشروط الا يكون قد تقدم بنفس البلاغ للهيئة وهذا بالتأكيد لن يتم، مع إرفاق الأدلة والقرائن، اذا ما دور الهيئة ؟ وهل لهذا المبلّغ القدرة على جلب هذه الأدلة والقرائن والمستندات؟ المفترض أن المبلّغ يقدم الخطوة الأولى وتتولى الهيئة بقية الأمر، وأخشى من هذا الشرط أن يكون عائقاً لكشف حالات الفساد ومن الشروط أن يلتزم مقدم البلاغ بعدم الإفصاح عنه أو نشره بأي وسيلة كانت، حيث يعتبر بعد ذلك وثيقة من وثائق الهيئة السرية وشروط أخرى لا يستدعي المقام لذكرها، هذا بخلاف المسئولية الشخصية على المبلغ والخوف من ردة الفعل عليه سواء من جهته أن كان يعمل بها أومن جهة أخرى خشية التعرض له، وهل هناك ضمانات تلتزم بها الهيئة لحماية المبلغ من أية تبعات على ذلك مقابل هذه الخدمة؟ وتوازي مكافأة الإبلاغ أن كان هناك مكافأة ، وفي حال ثبتت عدم كفاية الأدلة أو تدخلت أمور خارجة عن الإرادة ! وحفظت القضية هل سيعاقب المبلغ وهو مجتهد؟ أسئلة كثيرة تدورحول هذه الشروط وتشددها نتمنى من إدارة الهيئة إعادة النظر بها وتسهيلها لكي نضمن التعاون مع جهاز الهيئة لمكافحة الفساد، وألا تكون هذه الشروط وكأنها أنواع من شروط الزواج أوالإقراض أو عقود البيع والشراء ! والله المستعان.