هل يكون هذا منهجا تستند عليه هيئة مكافحة الفساد..؟؟؟ بمعنى أن الموظف في القطاع الحكومي في قادم الأيام سيدخل نظام العمل ويخرج منه نظيفا لا تشوب ذمته شائبة..؟؟ أي أن الموظف وإن كان يملك سلطة اتخاذ القرار واعتماد الشيكات وإرساء المناقصات لن يصبح بقدرة قادر وضمير ميت بعد عدة أشهر قادرا على السكن في فلة تتجاوز الألف والألفين متر، وربما تصل لخمسة آلاف متر رغم ان راتبه الفعلي لا يستطيع إعطاؤه أكثر من فلة مساحتها خمسمائة متر، وفي منطقة متوسطة الأسعار..؟؟ والمؤكد ايضا أننا لن نجد موظفا حكوميا يستطيع إهداء لاعبه المفضل سيارة موديل حديث وبمبلغ متخم بخمسة أصفار..؟؟ والطبيعي أن هذا الموظف لن يستطيع إعطاء أبناءه سيارة للمساء وأخرى للصباح..؟ من أين لك هذا ستكون سببا في انخفاض نسبة خواتم الالماس في أنامل بعض الزوجات ربما ستكون سببا في كساد سوق الساعات الثمينة..؟ والمؤكد أن نجاح منهجية من أين لك هذا لن تكون من خلال عمل مكتبي أو من خلال لجان تطلب تحديد موعد زيارة أو مراقبين يعتمدون على بيانات وسجلات معدة سلفا لهم، ولكنها ستكون فاعلة ومحققة لأهدافها في حال استخدمت كل أساليب المتابعة للموظف الحكومي خاصة تلك الوظائف ذات التماس بصناعة القرار المالي أو الأعمال المرتبطة ببعض الأنشطة الخدمية مثل المفتشين ومراقبي المطاعم او محطات الطرق وخلافه.., أي أننا لا نريد ان يعتقد البعض ان الفساد المالي يتوقف عند اختلاس المال العام المرصود للمشاريع الحكومية، بل هو أيضا جزء من منظومة الرشاوى والهبات باسم الهدية.., ايضا الفساد لا يقف عند المال فقط، بل في ضياع ساعات العمل بقراءة الصحف أو قضاء المشاوير الخاصة ومتابعة نشاط الشركات والمؤسسات التي يمتلكها البعض باسم زوجته أو أمه. والمؤكد ان الفساد ايضا في الحضور المتأخر للعمل والخروج المبكر منه دون إنجازه.. من أين لك هذا يرتبط بالبعد المالي بشكل مباشر والمتوقع بما أننا في عصر التقنية وإمكانية ربط المؤسسات الحكومية ببعضها ان يكون اكتشاف الاختلاسات المالية في المقدور..؟ والأهم ان على هيئة مكافحة الفساد برجلها الذي يتفق على نزاهته خصومه قبل اصدقائه أن يعمل في البداية على تشخيص اشكال الفساد المالي داخل المؤسسة الحكومية مع تحديد أسبابها..؟ مثلا في حال عدم قيام الموظف بدوه كما يجب من الطبيعي ان تتزايد الرشاوي..؟ في حال غياب المتابعة على انجاز الأعمال واستلام المشاريع دون التأكد من تطابقها مع الشروط من شأنه ان يدفع للاختلاس والرشوة وهدر المال العام، وبالتالي بطء البرنامج التنموي.. ولعل الهيئة تؤكد على تفعيل إدارات المتابعة في المؤسسات الحكومية أكثر مما هو حاصل الآن لأنها تمثل قوة الدفع الفعلية لتحريك العمل الحكومي وتحقيقه أهدافه.. الهيئة الآن مسئولة أمام خادم الحرمين وولي عهده حفظهما الله وأمام المجتمع ككل في اجتثاث الفساد من جذوره خاصة وأن تأسيس الهيئة يمثل إقرارا رسميا بوجوده ورغبة عليا في القضاء عليه.. وتحقيق ذلك لن يكون سهلا، ولن يتحقق مرة واحدة، بل يحتاج لجهد وجهاد وإن كنت دائما أقول أنه مسئولية الجميع وليس الهيئة فقط..