الانفتاح الذي أبداه حزب النور السلفي في مصركان مفاجئاً، فالتصريحات التي تغيرت مائة وثمانين درجة في ظرف شهور بسيطة، والتنازلات التي توالت مع كل جولة جديدة من الانتخابات هل هي نتيجة وعي سياسي ودرس استوعبه السلفيون آخذين في الحسبان تجربة حزب الإخوان الذي غير اسمه إلى حزب الحرية والعدالة، حيث بدا الإخوان أكثر الأحزاب نضجا وهدوءا وبعدا عن المهاترات الإعلامية ولم يخسروا شعبيتهم حتى وهم يرفضون المشاركة في الاعتصام الذي طالب المجلس العسكري بترك السلطة. نخب الليبرالية دارت كؤوسه حسب توصيف الدكتور بندر الشويقي الذي يعترض بقوة على مبادئ الأحزاب الإسلامية الجديدة التي تصرح بأنها تقبل بنتيجة الصندوق وأنها ستحتكم لرأي الجمهور واختيارهم. لا يختلف اثنان على أن التحول في الخطاب السياسي الإسلامي وتبني مبادئ الديمقراطية هو ما أدى إلى صعود المنصف المرزوقي لكرسي رئاسة الجمهورية فخطابه القائم على الفكر الإسلامي الديمقراطي الذي يحافظ على هويته ولايصادر هويات الآخرين ومثله ماتحقق لرئيس حكومة المغرب السيد كيران الذي قال لم نأت لنفرض على الناس اختياراتهم كما أنه قال في تصريح ينبئ عن موقفه من مشاركة المرأة في الشأن العام، حيث تمنى لو أن والدته على قيد الحياة لكان نصبها بدلا منه رئيسة لحزب العدالة والتنمية. الهوية الإسلامية لا خوف عليها فهي راسخة, ثابتة، مهما حاول المرجفون أن يلقوا بالشكوك حول اختيارات الشعوب، فالشعوب المسلمة لاتبتغي غير الإسلام دينا وبالتأكيد فإن قليلاً من نخب الليبرالية أسهم بصعود الأحزاب الإسلامية إلى منصات السلطة، ولو بقيت على خطابها السابق لنفر منها الناس باختلاف اتجاهاتهم فاللين ماكان في شيء إلا زانه، المهم أن تصدق هذه الأحزاب فيما وعدت خصوصا في تنمية الشعوب والعدالة بين الأفراد وتساوي الفرص واحترام حقوق الأقليات والتوسع في حرية التعبير وضمان حقوق النساء ومشاركتهن في الحياة العامة.