تذكر الدكتورة نورة المسلم في جريدة «المدينة» أنها وهي في طريقها للخروج من عيادات المرضى استوقفها ابن مريضة لديه استفسار عن حالة والدته، فطلبت منه الدكتورة أن يسير معها إلى طريق الخروج بسبب الزحام في الممر، وعندما همت بركوب سيارتها إذا بشخص يداهمها ويطلب إثباتها وجوالها أيضاً، سألت الدكتورة نورة الرجل من أنت؟ فقال لها أنا هيئة، فقالت أرني ما يثبت فقال لها: «لا تكبرين السالفة امشي معنا». حاول الرجل الآخر (ابن المريضة) أن يتدخل ليوضح لرجل الهيئة بأن هذه هي الدكتورة نورة طبيبة والدته، فما كان جزاؤه إلا أن جره معهم وأُركِب سيارة الهيئة. تطور الأمر إلى أسوأ من بدايته، ويستطيع من يريد أن يتابعها في الجريدة، السؤال الذي يطرحه أي عاقل على نفسه، لأي غرض وجد رجل الهيئة قرب مستشفى ويداهم طبيبة تتحدث مع رجل في الشارع؟ ولا بد أن الدكتورة نورة كانت تلبس زي الطبيب. الهيئة اعتذرت، لأن من هوجمت هذه المرة طبيبة، ووصل الأمر إلى الصحافة، لكن قصصاً كثيرة لا تصل للإعلام ولا يود أصحابها أن يقحموا أنفسهم في محاسبة من يعتدي على حقوقهم، فزميلتي الأكاديمية التي حدثتني منذ يومين لم تعلم أنني قد احتاج قصتها هذه في تأكيد مبدأ (من أنتم)، حكت لي موقفاً لها مع الهيئة تقول وهي أستاذة في الجامعة تضع غطاء على وجهها وقفازات في يديها، وخرجت من الجامعة مع ابنتها التي تدرس في نفس الجامعة، فطلبت منها ابنتها التي شعرت بالجوع أن تأكل من مطعم صغير بجانب الجامعة، توقفت السيدة ودخلت مع ابنتها قسم العائلات وجلستا في «الركن البعيد الهادئ»، وطلبتا ساندويشاً. تقول ما كدنا أن ننتهي ونحمد الله حتى وجدنا رجلاً يداهم خلوتنا، يقف فوق رؤوسنا، دون أن يعطينا لحظة أو إنذاراً لنغطي وجهينا، يصيح بنا من أنتم؟ ماذا تفعلون هنا؟ وحين تأكد من أن الموقف لا يستدعي كل هذا قال مبرراً فعله ألا تدرون أن هذا المكان ممنوع الدخول إليه صباحاً؟ سألت زميلتي طالما أنه ممنوع لماذا يفتحون الباب في قسم العائلات؟ لم تخاطب زميلتي الرجل بصفته مقتحماً عليها خصوصيتها، بل قالت له إنها تؤمن بدورهم لملاحقة المخالفات لكن الأمور لا تأتي هكذا، بل باللين والهدوء، هنا لم يجد بداً من قول عبارة أخيرة: «سأترككم لأنك تحدثت معنا بأدب». فقط هذا هو مبرر تركها تذهب ومنحها منة السماح، لأنها تحدثت معه بأدب. هي تحاسب على الأدب بينما هو لا يحاسب على كل ما فعله من اقتحام لخلوتها، وكشف سترها، بل زادت زميلتي بمعلومة أثارت حنقها، وهي أنها حين خرجت أخبرها السائق الخاص الذي يعمل لديها أن رجل الهيئة حقق معه، وطلب أوراقه، وأخذ اسم كفيله قبل أن يدخل. طبعاً الجامعة لن تتحمل مسؤولية إلحاق الأذى بعضو فيها، ولن يتحمل المطعم مسؤولية اقتحام خصوصية زبائنه لا أحد يستطيع سوى أن يطرح سؤالاً هو: هل ما حدث للطبيبة والأكاديمية يسمى أمراً بالمعروف أم أنها أخطاء جانبية لا يضبطها مبدأ احترام خصوصيات الناس وحقهم في العيش بكرامة؟ ولماذا لا يجاوب أي موظف سواء أكان رجل هيئة أم غيره على سؤال من أنت، بإبراز بطاقته المهنية أمام مواطن أو مواطنة ينوي اقتياده ومحاسبته؟ من الذي يسأل من أنتم؟ إنهم الهيئة طبعاً التي يحق لها وحدها أن تصرخ بالناس من أنتم؟