فاجعتا جدة وحائل وأخيراً فاجعة جازان، تفرض الحاجة إلى فتح ملفات الأمن والسلامة في مدارس البنات، وملفات الأمن والسلامة المرورية للمركبات والطرقات في المملكة، ولا سيما أن هذه الحوادث يتكرر حدوثها في كل عام، وبالذات المسلسل الدموي والمأساوي الناجم عن حوادث المركبات الخاصة، التي تقوم مقام مركبات النقل العام بنقل المعلمات من منازلهن إلى مقار عملهن وبالعكس، وتتسبب في كل عام في إزهاق أرواح بريئة وفي تخريب الممتلكات والمكتسبات. حادث حريق جدة الذي شب في مدرسة "براعم الوطن" بصرف النظر عن كونه حادثاً مفتعلاً أم حادثاً عرضياً، والذي تسبب في وفاة معلمتين، وإصابة أكثر من 46 طالبة من بينهن أربع إصابات خطيرة، يذكرنا بالحريق الذي شب في عام 2002 في المتوسطة 31 في حي الهنداوية في مكةالمكرمة، ونتج عنه وفاة 14 طالبة، الأمر الذي يفرض علينا الحاجة إلى إعادة النظر في جميع إجراءات السلامة واشتراطاتها في مدارس البنين والبنات على مستوى المملكة، بل حتى على مستوى جميع المباني والأجهزة الحكومية، بما في ذلك مباني القطاع الخاص والمساجد والأسواق والأماكن العامة الأخرى، بغرض تقييم إجراءات السلامة بداخلها، للتأكد من أنها تتطابق تماماً مع متطلبات واشتراطات السلامة المنصوص عليها في نظام الدفاع المدني، وفي الوقت نفسه فاعلة، وليست مجرد حبر على ورق. بالنسبة لتحديد لإجراءات الأمن والسلامة، فإن الأمر يتطلب أيضاً، التحقق من أن جميع المدارس في المملكة، لديها وسائل وأدوات مكافحة حرائق متطورة وحديثة، تحقق للمبنى المدرسي، أقصى درجات السلامة والحماية الممكنة في حالة نشوب حريق - لا قدر الله - مثل توافر نظام إنذار مسموع ومرئي، ومخارج كافية للطوارئ في الممرات، ووسائل وأدوات إطفاء حرائق في الفصول، مثل طفايات الحريق، وأنظمة الرش الآلي، وشبكة مياه مخصصة لإطفاء الحرائق، وأماكن خاصة للتجمع والإخلاء. كما أن الأمر يتطلب تخصيص فرق إنقاذ وتدخل سريع في المدارس في حالة نشوب الحرائق، يتم تشكيلها من الطلاب والمدرسين بمدارس البنين، ومن الطالبات والمعلمات بمدارس البنات، بحيث يسند إليها مهمة التدخل السريع في حالة نشوب الحرائق، للقيام بتنظيم عملية الإخلاء وتقديم الإسعافات الأولية الخاصة بمعالجة الحروق البسيطة، التي تتسبب فيها الحرائق، إضافة إلى معالجة حالات الاختناق البسيطة، نتيجة لاستنشاق الدخان، وذلك لحين وصول فرق الإطفاء والإسعافات النظامية. من بين إجراءات السلامة، كذلك التي يفترض اتباعها، قيام الدفاع المدني بتقديم دورات تدريبية لطلاب وطالبات المدارس في مجال الوقاية من الحرائق وأساليب مكافحتها، والكشف الدوري على مدى استعداد وجاهزية المدارس للتعامل مع الحرائق في حالة حدوثها، والتأكد من سلامة التسليك الكهربائي الداخلي للمبني، والالتزام بتنفيذ برامج الإخلاء الافتراضية، بما في ذلك فرض العقوبات اللازمة على المخالفين. أخيراً وليس آخراً، أقترح فتح مجال العمل للسيدات في مجالات الدفاع المدني المتعلقة بمكافحة الحرائق، للتغلب على المشاكل والصعوبات، التي عادة ما يواجهها رجال الإطفاء في التعامل مع الحرائق، التي تشب في الأماكن التي توجد فيها النساء مثل مدارس البنات وما شابهها. بالنسبة للحوادث المرورية التي تتعرض إليها المعلمات والطالبات، فإن الأمر بكل ببساطة يفرض الحاجة إلى استحداث نظام نقل عام حديث ومتطور، يُعنى بنقل المعلمات وطالبات المدارس والجامعات، بديلاً عن وسائل النقل العشوائية المنتشرة في بلادنا، إضافة إلى أن الأمر يتطلب إعادة النظر في إجراءات تعيين ونقل المعلمات، بحيث يتم تعيين المعلمات في مدارس قريبة من مناطقهن بقدر الإمكان، وليس على بعد مئات الكيلو مترات، بهدف منع تعرضهن للحوادث المرورية المروعة، التي تذهب بأرواحهن. كما أن الأمر يتطلب إعادة النظر في توزيع المدارس والجامعات والكليات، بحيث تصبح بقدر الإمكان قريبة من المحافظات والقرى والهجر، التي يوجد فيها كثافة سكانية عالية، وأن يتم أيضاً تأمين سكن للطلبات اللاتي يسكن بعيداً عن مقر الجامعات والكليات التي يدرسن فيها. خلاصة القول، أن سلسلة الحوادث المرورية وحرائق المدارس، التي تحدث في المملكة، وتتسبب في حصد العشرات من الأرواح البريئة، وفي تدمير المكتسبات والممتلكات، بحاجة ماسة إلى إعادة النظر في وسائل وإجراءات السلامة المتبعة في المدارس والجامعات والكليات، للتأكد من سلامتها ومن أنها توفر وسائل الحماية اللازمة للمعلمات والطالبات في حالة نشوب الحرائق - لا سمح الله. وبالنسبة للحوادث المرورية المروعة، التي تحدث في بلادنا بشكل لافت للنظر، وتتعرض إليها المعلمات والطالبات بشكل يومي تقريباً، فإن الأمر يتطلب إعادة النظر في إجراءات تعيين ونقل المعلمات، والتوزيع العادل للجامعات والكليات ومعاهد التدريب، بحيث تكون بقدر الإمكان قريبة من المحافظات والقرى والهجر ذات الكثافة السكانية العالية، إضافة إلى ضرورة توفير مساكن للطلبات اللاتي يدرسن في مدارس أو في جامعات تبعد مسافة معينة عن مساكنهن، قد تعرض حياتهن للخطر خلال رحلة الذهاب والإياب، وبالذات في حالة غياب نظام نقل عام مدرسي وجامعي منظم، يوفر للمعلمات والطالبات أقصى درجات الحماية والأمان الممكنة. أخيراً وليس آخراً، بهدف حماية طلاب وطالبات المدارس الحكومية والأهلية من أخطار الحرائق وما شابهها من حوادث، فإن الأمر يتطلب أن يفرض على جميع المدارس التقيد والالتزام التام بالطاقة الاستيعابية للفصول المدرسية والمباني، بغرض التقليل من حجم الخسائر البشرية والمادية المحتملة، في حالة حدوث حوادث مثل الحرائق وغيرها، والله من وراء القصد.