لم تظهر يافطات حتى الآن تقول «لا للسعوديين» لكنها شبه موجودة تتحدث بها الألسن، وإذا كانت أزمة السكن قضية يعاني منها المواطن في السعودية، مع تدني نسبة من يمتلك سكناً وبالتالي حاجة هؤلاء الى استئجار وحدات سكنية لهم، فمن غير المعلن ان مكاتب العقار وأصحاب الوحدات السكنية المعروضة للإيجار لا يفضلون السعودي، كانوا في السابق لا يفضلون شرائح معينة تدفع ثمن سلوكيات أفراد منها مصداقاً للقول: «الخير يخص والشر يعم»، الآن أصبح «الفرز» يقال علانية من عامل مكتب العقار او صاحبه لمن يبحث عن سكن، نعم هناك أسباب لتنامي هذه الظاهرة الخطير، فهل هناك أخطر من شعور مواطن أنه منبوذ في بلده، أما الأسباب فيمكن إيجازها في التشريع والتطبيق، إذ إنه من الصعب على أصحاب الحقوق من الملاك الحصول بيسر وسهولة على حقوقهم من المماطلين في الدفع، بل إن ملاحقة ذلك مكلفة وإذا كان ذلك المواطن متنفذاً يستثمر علاقاته أو على دراية بدهاليز الإجراءات تحول الأمر إلى خسارة مؤكدة، لهذا يفضل أصحاب العقارات.. الأجانب للتأجير... المخاطرة هنا موجودة لكنها اقل ولتخفيف الصداع، هذا الواقع لن يستغرب معه إذا ما استأجر مواطن سكناً في بلده باسم أجنبي لتخطي هذه الشرط غير المعلن. لا شك أن هناك أناساً غير قادرين على الدفع، ولقد ساهمت الأزمات الاقتصادية «الداخلية» المتعاقبة، والإهمال والتراخي في التعامل معها ومع ملف القروض الشخصية البنكية إضافة إلى التضخم في ذلك، ويا ما حذرنا منها من دون نتيجة، والعلاج المستعجل للفئة الاخيرة مهمة الجهات الحكومية والخيرية المعنية بمحدودي الدخل والفقراء. وفي العموم الأمر يحتاج إلى صرامة أنظمة وعدالة تطبيق بحيث لا يصبح صاحب الحق صيداً سهلاً للمماطلين الذي أساءوا لغيرهم من الناس وجعلوا الثقة استثناء، وحتى لا يصبح المستأجر تحت رحمة مزاج صاحب العقار، وإلا سنجد «قريباً» مواطنين يسكنون الخيام في الأراضي البيضاء المنتشرة وسط المدن. *** نشرت «الحياة» عن وكيل الوزارة الذي اعتدى على أرض وسط الرياض ليبني عليها وحدات سكنية، أمانة العاصمة بحسب ما نشر شرعت في إزالة التعديات، وهو مما يحسب لها، لأن تطبيق الأنظمة صار فاكهة ينتظرها الناس فكيف إذا قيل أنها طبقت على موظف «مهم»، هنا تصبح فاكهة نادرة، والسؤال هل سيتوقف الأمر عند هذا الحد؟ أي إزالة التعديات من دون رفع قضية على المتعدي، وأسأل الإخوة في هيئة مكافحة الفساد هل هذه القضية تدخل ضمن اختصاصهم والموظف يحتل منصباً مهماً؟ الأسئلة لمعرفة طبيعة المرحلة لا غير، وللاستفادة من المثل البعيري القائل: «إن لقحت ولا ما ضرها الجمل».