رمضان جريدي العنزي - الجزيرة السعودية بعض مجتمعنا لديه خاصية التوحد.. وخاصية التفرد.. وخاصية الحياة.. وخاصية التوجس.. وخاصية العلاقات الاجتماعية.. يملك قابلية التحدي.. وقابلية الانكسار.. بعض مجتمعنا لديه صدمة في فهم واستيعاب الحياة.. مثل صدمة فتاة مراهقة.. في زمن التجلي.. لحبيب عاق سافر في دروب العتمة دون تلويحة وداع.. بعض مجتمعنا يتعامل مع الحياة حسب ممكنات الخيال الحدسي.. له سمو ونرجسية الأفكار والتطلعات.. لكنه صعب عند الانهماك في لحظات الحالات الداكنة.. يملك تقاطعات فكرية على شكل خطوط بيانية.. يميل نحو الاستطالة والتحليق نحو الأفق.. لكن بعضه لا يملك القدرة على الوثوب.. والتطلع.. بعض مجتمعنا يملك قدرة التلويح.. لكنه لا يملك القدرة على البقاء في ساحة العرض.. بعض مجتمعنا.. يتقن فن التضاد.. يجيد لغة الحوار.. وفن الإصغاء.. وأدب الحوار.. لكنه يتقن لعق الجراحات القديمة.. وسرد الهذيان اللغوي.. بعض مجتمعنا يحاول أن يجعل من نفسه متوازناً.. يحاول أن يكون نصاً متفرداً يقرأه الجميع.. لكنه أحياناً يلوذ خلف الأرصفة الخلفية.. ليجعل الآخرين يعبرون قبله إلى الضفة الأخرى.. بعض مجتمعنا يحاول أن يكون متناسقاً بقدر.. بين اضطرابات الحال والمحال.. بين إرث وكلاسيكية الماضي.. ومتطلبات الزمن الآني.. له تعليمه وفلسفته وبنيته الثقافية.. يحب أن يعيش بوضوح.. لكنه لا يملك مقومات الوضوح.. لديه عشق الموروث.. لكن لديه قابلية للتعامل مع منهجيه ونهج الحداثة.. لديه مساحة من التفكير.. وتنبؤات فلسفية.. ولديه القدرة في الحديث في ميادين العلوم.. ونظم المعرفة.. وأساليب القول.. بعض مجتمعنا يعرف (سيمونيون) الفرنسي صاحب المشروع النهضوي.. وقراءة (فاوست) في كيفية المزاوجة بين الروح والعلم.. و(أفلاطون) في علم الفلسفة.. و(داروين) في تشكيل الإنسان.. و(أدونيس) في قصيدة الحداثة.. ويعشق فنون الآداب، والتشكيل، والمسرح، والموسيقى.. ويعرف تحولات القرن الواحد والعشرين.. ويتقن أبجدية التفاعلات الإنسانية في الحب وفي العيش.. بعض مجتمعنا يعيش وحيداً كغيمة.. يعيد النظر في أشياء كثيرة.. يعود لذاته ينبشها.. يفجر كل القنابل التي تسكنه.. المدينة عنده كابوساً.. وأصوات الجميع.. الجميع تحاصره.. بعض مجتمعنا له قلب مثقوب بالحزن.. والعالم صار لديه مثل بشاعة الغبار على المرايا القديمة.. وحتى الأجساد حوله أصبحت هياكل يلفها الصقيع والرياء.. يطارده الانصهار.. ووجع التمزق.. وتعب الحياة.. وازدواجية التضاد.. بعض مجتمعنا يريد التألق والاغتسال بالمطر وإزاحة العتمة ومغازلة النجمة والقمر.. وبعضة الآخر يحب أن يشرب قهوته بشيء من اشتهاء الذات ونرجسية ال(أنا) وترف الواقع.