د. عبدالقادر بن عبدالرحمن الحيدر - القاتصادية السعودية نشر أخيرا في بعض الصحف العربية والأجنبية أن الزعفران قد يساعد على تثبيط نمو السرطان في حيوانات التجارب، فمن تلك البحوث ما نشر في مجلة علوم الكبد Hepatology (وهي من أكبر المجلات المتخصصة في أمراض الكبد، وقيمتها النشرية عالية جدا 10,8) حول ذلك الموضوع. وقد وردتني عدة رسائل إلكترونية للاستفسار عن جدوى ذلك البحث ومستقبل مادة الزعفران في علاج أورام الكبد السرطانية. بعد دراسة مستفيضة لجميع ما نشر عن الزعفران ومشتقاته في علاج السرطان تبين وجود قرابة السبعين بحثا والمنشورة في مجلات ذات قيمة علمية عالية ISI.. تلك الدراسات التي بدأت في أواخر الثمانينيات الميلادية أثبتت أن الزعفران مادة لها تأثير مثبط لغالبية السرطانات المعروفة، فله تأثير مثبط على السرطانات المزروعة في الأنسجة المخبرية مثل سرطان البنكرياس وسرطان الرئة والكبد وكذلك القولون، حيث وجد أن له دورا فاعلا في قتل الخلايا السرطانية وتسريع الموت المبرمج لها دون إلحاق الأذى في الخلايا السليمة. وللمعلومية فإن الزعفران يحتوي على أكثر من 150 مادة كيماوية. ووجد أن مركبين crocin and crocetin كروسين وكروسيتين هما من أهم المواد التي قد يكون لها الدور الفاعل في تثبيط الخلايا السرطانية. وهناك تصور لدى بعض الناس في أن الزعفران قد يكون السبب في حصول بعض السرطانات!! ولكن بعد مراجعة الكثير من المقالات العلمية المنشورة تبين بوضوح، أن الزعفران ليس سببا لأي نوع من السرطان، بل يعد من أحد الواقيات ضد السرطان. كل هذه الدراسات الممتدة لأكثر من 20 عاما أجريت على الخلايا السرطانية المزروعة في المعمل أو على بعض الحيوانات التي أحدث فيها السرطان، كالتي نشرت أخيرا في مجلة علوم الكبد Hepatology المرموقة. السؤال الذي يطرح نفسه دائما: ما مستقبل الزعفران أو المواد الفعالة المستخلصة منه في علاج السرطانات في الإنسان؟! بعد مراجعة جيدة للتجارب التي أجريت على الحيوانات تبين أن هناك دليلا قويا على مقدرة الجسم في امتصاص الزعفران من الأمعاء، ولكن الجرعة التي قد تستخدم للإنسان قد تكون كبيرة نوعا ما، وهذا قد يؤدي إلى حدوث بعض الأعراض الجانبية، فكمية الزعفران التي يجب أن تُعطى للإنسان قد تصل إلى ثلاثة جرامات يوميا (أكثر من نصف علبة تقريبا) وهذه تعد كمية كبيرة جدا، ولكن الأمر المبشر في الموضوع أن مجموعة بحثية من جامعة برادفورد في إنجلترا وغيرهم، وجدوا أنه يمكن استخدام جرعة صغيرة من المادة الفعالة الموجودة في الزعفران أو بتحويلها عن طريق تقنية النانو إلى هيئة يمكن أن تصل إلى الورم السرطاني. وخلاصة الموضوع هي أن الزعفران قد يكون واقيا ضد السرطان، ولكن لا بد من إجراء تجارب على مرضى السرطان للتأكد عن مدى فاعليته، وقد تستغرق تلك الدراسات أكثر من خمس سنوات، والطريف أن شاعرنا الملهم محمد القاضي - رحمه الله - قد سبق هؤلاء الباحثين في مدح الزعفران، حيث قال: زله على وضح بها خمسة أرناق هيل ومسمار بالأسباب مسحوق مع زعفران والشمطري إلى انساق والعنبر الغالي على الطاق مطبوق