استوقفني ما فعلته الفتاة المصرية علياء المهدي على فيس بوك، فالفتاة التي ادعت أن الحرية التي دعا إليها الشباب المصري في ميدان التحرير تتطلب منهم أن يتفهموا مطالبتها بأن تكون حرة في جسدها . استوقفني ما فعلته الفتاة المصرية علياء المهدي على فيس بوك، فالفتاة التي ادعت أن الحرية التي دعا إليها الشباب المصري في ميدان التحرير تتطلب منهم أن يتفهموا مطالبتها بأن تكون حرة في جسدها تفعل به ما تشاء، سواء كان ذلك تحجيباً أو عرضاً للغادي والرائح في النت، مما أثار ذلك غضب المصريين الذين تقول مراكز الأبحاث والرصد في العالم إنهم أكثر شعوب الأرض إيماناً وتديناً، واعتبروا تصرفها انحطاطاً. في الواقع، إن علياء ليست إلا نقطة في بحر من الاضطرابات التي تعانيها مصر الثائرة الآن، فالأخبار تقول بأن "البلطجية " يهاجمون السفارات التي تربطها ببلادهم روابط ومواثيق يجب أن تُحترم، والأخبار تقول بأن عائلات فقيرة قررت احتلال بيوت وشقق المغتربين بدعوى أن هذا من مالهم الذي سلبه الرئيس المخلوع. إن الواقع يخبرنا بأن الأخلاق لا تُطبق بالنوايا الحسنة أو بمجرد إيمان الناس بها، بل تحتاج للقوانين التي تفرض والسلطة التي تراقب تنفيذها، ولقد ثارت مصر على حكومتها وها هي تعاود الثورة على السلطة التي حمتها ممثلة في الجيش، ولا أدري إلى أين تسير مصر الحبيبة. التاريخ يقول إن أبرز الثورات هي الثورة الفرنسية التي قادها الشعب الفرنسي الجائع، ليعود بعدها أكثر جوعاً بعد استيلاء نابليون على الحكم، ليترك لنا ذلك معلومة مهمة وهي أن التغيير الإيجابي لا يقوم به الغاضبون أو العامة من الناس، بل هو مهمة النخب في المجتمع مثل العلماء والدعاة والمفكرين، فهؤلاء يستطيعون قيادة المجتمع نحو القيم والعدالة والغنى عبر مساهمتهم في تطوير التعليم، وتوجيه الثقافة، دون إراقة الدماء. وفي الحقيقة، إن حال الدول العربية التي مارست الثورات من قبل والآن لهو أصدق دليل على ذلك، فمهما كانت قوة الغضب التي تدفع الثوار لما يفعلونه تبقى قوة غضب لا تمثل الحكمة ولا تستطيع حفظ الأخلاق ولا تستطيع صناعة مشروع للتغيير وبالتالي إقامته ورعايته. وللأسف أن ما حدث من ثورات هو نتيجة تخلي المفكرين والمثقفين عن دورهم، مما أوصل الشعوب للغضب ومن ثم قيادة العامة والشباب الذي لا يملك الخبرة والتجربة للمجتمعات وهو ما يتفق علماء الاجتماع على فشله. إن الشعوب العربية في مصر وليبيا وتونس تحتاج إلى هؤلاء المفكرين والعلماء والشيوخ لإعادة الحكمة لهذه المجتمعات حتى تتمكن السلطة الموقتة فيها من الإمساك بزمام الأمور كي تحقق أهداف تلك الثورات، وتلحق هذه الأوطان بركب الإنسانية والتحضر.