د.عبد الوهاب أبو داهش - الاقتصادية السعودية قالوا عن العقار إنه مهنة من لا مهنة له. وفي «تويتر»، يمكن القول إن العقار أصبح ""موضوع من لا موضوع له"". وأصبح الحديث فيه، وخصوصا على «تويتر»، موضوعا شيقا وقد يكون للبعض مصدر إثارة ورغبة في كسب المتابعين، فتأتي الآراء موافقة لما يريده الجمهور. فمن قائل إن العقار في السعودية سيهبط عند حدوث أزمة عالمية، إلى من دعا إلى فرض رسوم على الأراضي البيضاء دون فهم لطبيعة السوق والأنظمة العقارية في المملكة. وفي «تويتر» بالذات، يلاحظ أن البعض يريدك أن تؤيد رأيه بأن أسعار العقارات ستهبط بغض النظر عن العوامل الجوهرية وغير الجوهرية والتي تتعارض مع المنطق وواقع الحال. فالبعض ادعى أن العقار سيهبط لو حدثت أزمة عالمية في أوروبا، هذا على الرغم من - وفي مفاهيم ودراسات اقتصادية عديدة - أن العقار يزدهر في وقت الركود والأزمات، ذلك لأن صاحب المصنع مثلا، لن يقدم على التوسع في مصنعه في خضم الركود الذي لا يعرف مداه أو التنبؤ بما يؤول إليه. لذا فإن أية سيولة لديه سيقوم باستثمارها في ملاذ آمن مثل أن تظل في صورة نقد، أو ذهب، أو سندات، أو عقار. وحيث إن العقار – وفي أسوأ الأحوال - قد ينمو بمعدلات النمو السكاني وبالتالي فإن نموه حتمي، فيلجأ الكثير إلى توظيف السيولة الفائضة في العقار، وبالتالي يتجه العقار إلى الانتعاش في أوقات الركود. وعلى العكس من ذلك، فإن العقار يتباطأ في حال الانتعاش الاقتصادي بسبب توجه فائض السيولة إلى مشاريع استثمارية أو أسواق المال. وقد كتبت في 2 أكتوبر عن التبادلية بين سوق الأسهم والعقار في هذه الجريدة وقلت باختصار ""تسهم العوامل الاقتصادية التي ذكرناها في (ذلك) المقال في تشجيع الاستثمار في القطاع العقاري لأنه أولا منتج داخلي لا يتأثر كثيرا بالاقتصادات العالمية (سلعة غير قابلة للتبادل التجاري)، وأن العائد من القطاع العقاري في الوقت الحالي أعلى منه في قطاع الأسهم، وأن هيكل القطاع العقاري الحالي ما زال يسهم بصورة كبيرة في ارتفاع أسعار العقار، ناهيك عن أن الإنفاق الحكومي واستمرار أسعار النفط في البقاء في مستوياتها الحالية، حيث من المتوقع أن تحافظ أسعار النفط على متوسط 100 دولار في السنتين المقبلتين، ما يجعل من العقار خيارا مهما للمستثمرين"". و أضيف اليوم أن عودة سوق الأسهم إلى الانتعاش، وزوال خطر الركود من أوروبا سيسهمان بصورة كبيرة في اجتذاب سوق الأسهم مزيدا من السيولة، ولكن الرؤية بالنسبة للاقتصاد العالمي لا تبدو واضحة مما يجعل الدخول في سوق الأسهم يتسم بالحذر الشديد، وقد لا يشهد انتعاشا حقيقيا حتى ينجلي تماما غبار الأزمة العالمية وتتضح الصورة بشكل مؤكد. وبناء على ما سبق، وبصورة مبسطة، يمكن القول وبشكل عام إن هناك علاقة طردية بين أسواق الأسهم والانتعاش العالمي بينما تتحول هذه العلاقة إلى عكسية في حالة العقار. بمعنى أن أي انتعاش قادم للاقتصاد العالمي، سيؤدي إلى تباطؤ العقار، بينما في حالة أية ركود محتمل فإن العقار سيحافظ على جاذبيته. المشكلة أن هذه التجارب والمعارف لا تقنع الكثيرين لأنها لا توافق أهواءهم وبالتالي يعود بسهامه عليك رغم أن الهدف الرئيس من الكتابة هو خلق وعي وفهم اقتصادي واستثماري لدى المتلقي، ناهيك عن أن العصف الذهني - وخصوصا أن «تويتر» أصبح إحدى الأدوات المهمة في العصف الذهني - هو محفز مهم للإبداع والابتكار والإفادة من الآراء المختلفة والمتناقضة. وهو في رأيي أهم ما يوفره «تويتر» لعالم اليوم.