الذين تصوغهم المحاكاة، يتحولون دون شعور منهم إلى أناس لا يتقنون سوى النقد. هذه المسألة، في حالة عدم الوعي، تنقل المرء من الإيجابية إلى السلبية. التغيير ليس فقط كلمة تنتقد بها من يعمل. إنها مواجهة صادقة مع النفس، وسؤال متجرد: ماذا فعلت كي تصبح الأمور من حولي أجمل؟ إن ارتفاع الأصوات في العالم أجمع التي تتبرم من الواقع، تعكس أن المحاكاة كفعل إنساني يمكنها أن تفضي إلى نتائج إيجابية في حالة وضوح الهدف. لكن عندما يتحول النقد إلى مجرد تعبير عن الشكوى، خال من هدف أو رؤية، فإنه يغدو فعلا ضد المنطق. الأمر الطبيعي، أن المرء ينشد الأفضل. وهذا الرهان لا يتحقق إلا إذا كان يتمتع بقابلية شديدة لتقبل النقد بالأريحية نفسها التي تجعله يطلق النقد ضد سواه. هذا الامتحان، يسقط فيه الناقد غير المتصالح مع الأفكار التي يروجها عن حرية النقد والكلام، هو دوما يريد أن يكون مصدر الحقيقة، ويضفي على نفسه قداسة، وعندما تخوض معه حوارا، يمتنع عنه إن لم تمارس دور حامل البخور وتكيل له المديح. إننا نرى ذلك يوميا في مواقع التواصل الاجتماعي وفي الواقع المعاش. هذه الممارسة لكيفية الخلاف والاختلاف؛ تكشف أن داء المحاكاة لا يفضي إلى نتيجة. هو فجور في خصومة تبدأ بحجة النقد ثم تستمر بدعاوى شتى من بينها: ما يطلبه الجمهور. إن تحليل مضامين خطابات كثير من هواة النقد، يكشف قدرا عاليا من التناقضات التي تثير أسئلة صعبة؛ يتصدرها سؤال: هل أصبح جلد الذات والنقد غير العادل هو السبيل لتحقيق النجومية؟ واقع الحال يقول: نعم.