عبدالعزيز بن عبدالرحمن اليوسف - اليوم السعودية ارتبط الفرح بالعيد، وتعلقت البهجة به، وتشبث السرور في أطرافه.. وتجلت معاني العاطفة والحميمية في جوانبه.. بالطبع هذا ما يفترض أن يكون في العيد والمعايدة.. ولكن من يتأمل مشهد العيد وملامحه يجده عند كثير من الناس (عيداً أخرس) فلا صوت للبهجة فيه له، ولا صدى للسرور به، فأساليب المعايدة عند الكثير غدت وأعشت صماء بكماء بل وعمياء في الأحيان.. وكل ذلك من بركات التقنية الجامدة التي لا تعرف العاطفة ولا تحمل المشاعر الصادقة ولا تتضمّن روح المحبة.. كلمات تتناثر وتكتب في صناديق ومساحات ضيقة للتعبير عن تبريكات العيد.. رسائل ونصوص وعبارات وتأليفات غريبة عجيبة توجّه وترسل إلينا وهي خالية من الإحساس والعاطفة.. لدرجة أن بعض الرسائل تصلنا معممة للجميع أو تحمل أسماء لا تعنينا وكأنها وجّهت إلى شخص ما، فانحرفت وجاءت إلينا.. وتراسل وصل بالبعض إلى الحد الأدنى من الشعور حين يرسل على (ايميلات) هامشية او برامج إرسال للمجموعات وكأني به يريد أن يتخلص من حمل الإرسال (فيسلك الأمور) ويسقط المسئولية لاحقاً.. أين وصل بنا الأمر يا أولي الألباب؟ هل العيد يعلمنا أن تخرس ألسنتنا؟بعض مجالس العيد واللقاءات العائلية التي تتم باجتهادات مضنية وبتكلفة مزعجة.. تجد حالة الخرس متفشية فيها، فترى بعض الجلساء يمسكون ولا ينفكّون عن استخدام أجهزتهم وجوالاتهم ويعبثون فيها ويشاهدون الرسائل أو المقاطع والكل أخرس و(متكوّم) على نفسه لا يلتفت إلى حديث قد يقال هنا أو هناك، أو سالفة مهمة، أو حوار جميل.وهل تطبيقات التقنية تجعلنا نفقد إحساس العيد وتفاعل الحب بيننا؟ هل حوّلتنا التقنية إلى خدام لها أكثر من أن تخدمنا في مصالح ومنافع عديدة؟ هل كان التصاقنا بالتقنية ثمناً لانفصالنا عن قيم العلاقات الاجتماعية الجميلة؟ وهل صلة الرحم أصبحت خاصية من خصائص وتطبيقات التقنية؟ تساؤلات تثير نقع الآهات داخلنا فيحل بنا الأسى على علاقاتنا الأصيلة، وأساليب تواصل أجدادنا وآبائنا وتذكّرنا بالزيارات العائلية المباشرة، والاجتماعات الأسرية الممتعة، وصلة الرحم الحقيقية، والتزاور فيما بين الأصدقاء والزملاء وفرحة البعض ببعضهم وبضيافتهم وبتقبّل تهانيهم، فنتذكر العيد بلا تقنية، وكم كان له طعم ونكهة. وفي الجانب الآخر تجد أن بعض مجالس العيد واللقاءات العائلية التي تتمّ باجتهادات مضنية وبتكلفة مزعجة.. تجد حالة الخرس متفشية فيها، فترى بعض الجلساء يمسكون ولا ينفكّون عن استخدام أجهزتهم وجوالاتهم ويعبثون فيها ويشاهدون الرسائل أو المقاطع والكل أخرس و(متكوّم) على نفسه، لا يلتفت إلى حديث قد يقال هنا أو هناك، أو سالفة مهمة، او حوار جميل، او تجارب تنقل فلم يعُد لكبير السن أو عميد العائلة وكبارها مكانة وتوقير كما كان في السابق.. حين يتحدثون الكل يسمع ويسعد ويرغب في الاستماع أكثر.. حين كان الشباب يجدون في كبارهم مصدراً للمعلومة، وجهة للتجربة والخبرة، وحلولاً لبعض المشكلات، وأنساً فائضاً، ومتعة في المجالسة. ختام القول: لقد سرقت التقنية ومنتجاتها عقول الكثير وحوّلتهم إلى أدوات تشغيل فقط بلا انتباه لما يحدث ويتفاقم فأضحت مصدرهم للمعلومة، وملاذهم للمشورة، ودليلهم للخبرة، ودربهم للمتعة، وحوّلت تطبيقاتها المُملة كثيراً من الجماليات في علاقاتنا إلى معانٍ آلية، وصور مشوّهة، وأفواه مكممة.. فهل يعود العيد إلى صدورنا، وعقولنا، ويملأ قلوبنا التي شغفها بحب التقنية البليدة؟.