يبدو أن بعض الصحافيين والإعلاميين غير مقتنعين بمقولة «لكل مقام مقال» فنراهم يخرجون عن موضوع الحدث إلى مواضيع أخرى بعيدة عنه لا يضيف السؤال عنها شيئا مهما. الذكاء والمهنية حين يطرح الإعلامي سؤالا مفاجئا لم يتوقعه المسؤول ولم يفكر فيه زملاؤه لكنه في صلب الموضوع، ليكون قد أضاء بسؤاله جانبا مهما وأثرى موضوع الحوار. ومن هذا المنطلق لا أعرف مدى أهمية طرح أسئلة عن الثورات العربية وشؤون العالم في مؤتمر إعلامي مخصص للحج كما حدث يوم الثلاثاء الماضي في المؤتمر الذي عقده سمو الأمير نايف بن عبدالعزيز، وهو مؤتمر سنوي مخصص لشؤون الحج وما يتعلق به فقط. على أي حال كانت إجابة الأمير على ذلك الجانب مختصرة لكنها أيضا متزنة وحصيفة وذات دلالة ومعنى. الجانب الذي ربما كان السؤال عنه معقولا هو ما يتعلق بالحجاج الإيرانيين لتوفر السبب الموضوعي للسؤال، فإيران سبق أن دعت حجاجها قبل أيام إلى الالتزام بأنظمة المملكة وعدم ممارسة رفع الشعارات التي لا علاقة لها بمناسبة دينية عظيمة كالحج، وربما نستنتج من ذلك أن السلطات الإيرانية كانت تعلم عن وجود نية كهذه لدى بعض حجاجها فأرادت تبرئة ساحتها وأن لا علاقة لها إذا حدث شيء من ذلك. لكن رغم هذا الاحتمال فقد كان رد الأمير نايف في غاية التهذيب والنبل حين أكد أن الحكومة السعودية ترجح حسن الظن وأن حجاج إيران يحترمون موسم الحج ولم يلاحظ منهم شيء خلال السنوات الماضية، مؤكدا في ذات الوقت وبلغة هادئة رصينة أن المملكة تتحمل مسؤولية أمن الحجيج ولن تسمح بحدوث ما يعكر سكينتهم من أي أحد أو طرف، وهذه رسالة عامة ليست موجهة لجهة بعينها. وفي كل الأحوال، نتمنى مخلصين ألا بفكر أحد من ضيوف بيت الله الحرام في الخلط بين قدسية المكان والزمان والمناسبة وأمور دنيوية أخرى ليس هذا مكانها ولا زمانها ولا مناسبتها. الحج رحلة شفافة إلى الله تتجلى فيها روحانية العلاقة بين المسلم وخالقه، وليس مناسبة للتعبير عن أفكار وتوجهات سياسية مهما كانت. هنا المسلم بذاته المتطلعة إلى رحمة ربه وليس ممثلا لإديولوجية حزبه أو سياسة دولته، ومثلما نؤكد على بعض زملائنا الإعلاميين أن لكل مقام مقالا، فالشيء نفسه نقوله لكل قادم للحج.. تقبل الله من الجميع حجهم وأعادهم إلى أوطانهم سالمين.