مازال البعض ينتظر ظهور «مؤسسة حماية الأطفال من العنف الأسري» لحماية الطفل من العنف، ومعاقبة المتسبب، بعد أن بدأ هذا العنف وبسبب «ثورة الاتصالات» ينتشر في الصحف والانترنت، فما الذي يعيقها إلى الآن ؟ إن لم يجانبني الصواب هناك جدل يعيق ظهورها، فثمة من يرى أنه لا يحق لأحد أن يتدخل بما يفعله الأب / الأم بأبنائهما مستندا على حديث «أنت ومالك لأبيك» ، مع أن هذا الحديث كان بسبب ابن عاق لوالده وليس بالمطلق. ثمة من يرى أنه لا يمكن القصاص من الأب مستندا على حديث «لا يقاد الوالد بولده» ، وبالتالي كيف لنا وضع قوانين تعاقب الأب طالما لا يمكن القصاص من الأب إن قتل ابنه. بيد أنك حين تعود للشيخ الألباني رحمة الله عليه لتتأكد من صحة الحديث، سيخبرك «الألباني» أن هذا الحديث صحيح من خلال 5 طرق، وما يهم هنا الطريق الأول الذي يضيء لنا فهم الحديث، فيروي الألباني: «قتل رجل ابنه عمدا فرفع إلى عمر بن الخطاب، فقال له: لولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا يقتل والد بولده» لقتلتك» . لكن عمر رضي الله عنه لم يخرج القتل من بوابة الجريمة، بل نقله من القتل العمد إلى القتل الخطأ، وفرض على الأب دية مائة من الإبل، مؤكدا «لا يرث القاتل» . وهذا صحيح تماما، لأن من يملك القدرة على تعذيب ابنه أو قتله، هو إنسان مختل عقليا، لأن الآباء جبلوا على حب أطفالهم والتضحية من أجلهم. وحين يعذب الأب طفله، هذا يعني أنه مريض نفسيا، وبالتالي لم تعد الجريمة تحمل صفة التعمد أو «مع سبق الإصرار والترصد» . بقي أن أقول : متى ستخرج هذه المؤسسة للنور، ليس من أجل حماية الأطفال فقط، بل لحماية المجتمع أيضا، فالطفل الذي لا يحمى في الصغر سينتقم من المجتمع في الكبر ؟.