الشيخ عبدالمحسن العبيكان طالب بإنشاء أقسام خاصة للرقية الشرعية في المستشفيات، وأشار إلى ضرورة ذلك «بمشاركة نخبة من المشايخ والدعاة المعروفين بسلامة المنهج والإخلاص»، هذه المطالبة أحدثت ردود فعل متباينة، بين مؤيد ومعارض وآخر لا يرى في الرقية سوى مجال للنصب والاحتيال. وكل منهم على جانب من الصواب. وسبق لي في أكثر من مقال المطالبة بتنظيم العمل بالرقية الشرعية، تم هذا منذ زمن، وعلى فترات متباعدة، وفي أكثر من صحيفة. لنتحدث عن الواقع، الرقية الشرعية كانت وما زالت مهنة للبعض في مقابل طلب آخرين «كثر» لها، يحدث هذا في مجتمع يعيش تردي الخدمات الصحية من حيث إمكانية الاستيعاب مع تعامل تجاري، وأخطاء مروعة في تشخيصات طبية، في الغالب يذهب المضطر الذي لا يستطيع السفر للعلاج في الخارج إلى الرقاة. فلا يرى ضوءاً في آخر النفق. هذا الواقع هو ما يجب التعامل معه، فكرة إنشاء أقسام في المستشفيات التي تغص بمراجعين يلهثون وراء المواعيد فكرة «متقدمة» بعيدة عن التحقيق. لكن الواجب تنظيم هذه المهنة من لجان متخصصة في الطب والعلوم الشرعية... والأمنية. ابسط القواعد التأكد من أن الراقي غير مصاب بمرض معدي؟ إضافة إلى الشروط الأخرى البديهية في مثل هذا العمل للفرز، وإصدار تراخيص يشترط إبرازها تحدد طبيعة عمل الرقاة، لا شك أن مجال الرقية خصب للنصب والاحتيال وادعاء العلم بعوالم أخرى، كل هذا لا يقلل من قيمة العلاج بتلاوة القران الكريم، الواجب أن تتم التصفية والفرز والتطهير، ويعلن للناس قوائم بالمرخصين. هذه القضية القديمة فرصة ذهبية للعمل والمبادرة سواء لوزارة الشؤون الإسلامية أو لجامعات متخصصة مثل جامعة الإمام، لكنها تشكو من مشكلة، فهي لا توفر فرص الحصول على جوائز عالمية بشكل سريع ولا أولوية في التصنيفات الهلامية. على أحد القنوات الغربية شاهدت تقريراً عن عيادات من هذا النوع في إندونيسيا، أتوقع أننا سنستقدمها! لدينا الكثير مما يمكن تطويره أو على الأقل إعادة فحصه لإصلاحه، لكننا في الغالب نبحث عن أمور أخرى، وهو ما يدفع للتخمين بأننا مصابون بالعين، و«مصروفون» عن ما بين أيدينا من فرص وقضايا عالقة.