تركي الدخيل - الوطن السعودية الخبر الذي تم تداوله حول تغيير الإجازة الأسبوعية من الخميس والجمعة، إلى الجمعة والسبت، كشف عن طريقة تفكيرٍ عجيبة، ذلك أن الرفض للتغيير يعبر عن إلفة الشيء أكثر من الاقتناع به، فقدم ما ألفه الناس يفضي أحياناً إلى تقديسه. مع أن تغيير الإجازة سيمسّ يوم الخميس فقط، لتكون الإجازة يوم السبت بدلاً من الخميس، أما الجمعة فهو يوم لم يتحدث أحد عن تغييره كيوم إجازة. ولا أدري ما الذي منح يوم الخميس كل هذه الهالة والقدسية، مع أن يوم الخميس مثل يوم السبت والثلاثاء والاثنين وسواها من الأيام، ليست له قيمة شرعية. فلماذا يخافون إذاً من تغيير الإجازة من الخميس إلى السبت؟! يألف البعض أشياء يخافون من تغييرها، مع أنهم لا يجدون لإلفتهم تلك مستنداً شرعياً، كل الذي يعرفونه أن الاعتياد على الشيء يمنحهم الطمأنينة والسكينة. مع أن العالم في معظمه إجازته يومي الجمعة والسبت، حتى الدول الإسلامية التي لا تقلّ عنا تقوىً ولا تمسكاً بالدين، سواء في دول الخليج أو الدول الإسلامية الأخرى. وتغيير الإجازة من الخميس إلى السبت يعطينا مكاسب اقتصادية، بحيث نكون ضمن العالم وضمن الحركة الاقتصادية الحيّة. تغيير الإجازة ليس خروجاً على الثوابت ولا اعتداءً عليها، بل هو اختيار طبيعي له مبرراته الاقتصادية والاجتماعية وفيه مواكبة للدول الأخرى، فالعالم صار قريةً واحدة، ولا يمكننا البقاء إلى الأبد متمسكين ومقدّسين ليوم عادي مثل "الخميس"، مع العلم أن عهد الخميس بالإجازة حديث لا يتجاوز ثلاثة عقود! نموذج الرفض لاستبدال يوم الخميس بيوم السبت، لا يعبر فقط عن تمسك اعتباطي بيوم عادي، بل عن كراهية لفكرة التغيير. مع أن مثل هذه القرارات تغير روتيننا المعتاد. حين جاءت مشاريع التنمية العقارية في السعودية واستبدال بيوت الطين بالبيوت الحديثة الأسمنتية رفض البعض الخروج من بيت الطين المتهالك، واضطرت الدولة لمجاملة بعضهم. مثل هذا الرفض الاعتباطي وغير المبرر منطقاً وديناً وعقلاً هو الذي يشرح لنا كيف أننا نخاف من التغيير، ونقدس لا شعورياً الكثير من العادات. قال أبو عبدالله غفر الله له: لنجرب السبت كإجازة، فربما أحببناه، ولنترك التعصب ليوم الخميس، وليكن هذا التغيير نافذةً لتغيير روتيننا مع الإجازة الأسبوعية، ومع الكثير مما أدمنا اعتياده من دون أن ندرك وجه التقديس، وسبب التعلق، فلا قدسية ليوم الخميس أيها السادة، فلنجرب هدوء السبت.