لا أدري لماذا اختار وزير الإسكان الدكتور شويش الضويحي زيارة جمهورية سنغافورة بالذات للاطلاع والاستفادة من تجربتها في مجال الإسكان والوقوف على مستوى جودة النماذج الإسكانية وملاءمتها البيئية والاجتماعية وتوفر الخدمات التي تحقق مستوى عاليا من الراحة والجودة لقاطنيها، بحسب ما نشرت هذه الصحيفة يوم أمس.. فعلا لا أدري على أي أساس تم اختياره سنغافورة التي لا تشبهنا ولا نشبهها في شيء يخص مسألة الإسكان، كما لا أدري ماذا سيقول لهم وماذا سيقولون له عند المقارنة بيننا وبينهم.. سنغافورة جزيرة لا تزيد مساحتها عن 710 كيلومترات مربعة لكنها تمثل ثاني أكبر دولة في العالم من حيث الكثافة السكانية (6112 لكل كيلومتر مربع)، كما أنها من أسرع الدول في مؤشر النمو السكاني. الملايين الخمسة الذين يعيشون فيها لا مشكلة لديهم في السكن رغم طبيعة ومساحة الجزيرة والزيادة السكانية السريعة، تدبروا أمرهم وكيفوا أوضاعهم ووضعوا خطة استراتيجية فعالة لتأمين وحدات سكنية في غاية الجودة للمواطنين.. لا أدري كيف ستكون ملامح الجانب السنغافوري لو عرفوا أن لدينا صندوق تنمية عقارية منذ سبعينات القرن الماضي ومشروع منح أراضٍ للمواطنين وجغرافيا منبسطة مترامية الأطراف، وأننا رغم ذلك، ومنذ كان عددنا بضعة ملايين لم نستطع إلى الآن حل مشكلة السكن.. كنت أتمنى لو زار الوزير أستراليا مثلا لأن مساحتها شاسعة كالمملكة، أما سنغافورة فإن الوضع مختلف جدا، إضافة إلى أنهم سيصابون بصدمة عنيفة لو عرفوا بعض المعلومات عن وضعنا الإسكاني حين يقارنون إمكاناتهم بإمكاناتنا، وعمر تجربتهم بعمر تجربتنا.. بالله عليك يا معالي الوزير كيف سيكون وضع أعضاء فريق المباحثات السنغافوري لو عرفوا أنك تشتكي من ندرة الأراضي في دولة بمساحة المملكة، بل كيف سيتحملون المفاجأة لو عرفوا أن سبعين في المائة من سكان أغنى دولة بترولية لا يملكون مساكن بأي شكل من الأشكال؟؟. كيف سيفهمون هذه المعادلة وكيف يمكنهم التفكير في التعاون مع وزارتك إذا عرفوا مزيدا من الحقائق الخاصة بنا؟؟.. يا معالي الوزير، كان الأفضل أن نحفظ سرنا بيننا ونستمر في حوستنا إلى أن يفرجها رب العالمين بدلا من نشر غسيلنا أمام أهل سنغافورة بالذات..