في آخر تصريح لمحافظ مؤسسة النقد بعد أن أنهى اجتماعاته في صندوق النقد الدولي، أشاد بأداء الاقتصاد السعودي وتوقع أن يتراجع التضخم في المستقبل. في آخر تصريح لمحافظ مؤسسة النقد بعد أن أنهى اجتماعاته في صندوق النقد الدولي، أشاد بأداء الاقتصاد السعودي وتوقع أن يتراجع التضخم في المستقبل. ولم يبين لنا سعادة المحافظ ماهية الخطط التي ستدفع التضخم إلى الانخفاض، ولا أعتقد أنه لم يطلع على تقرير صندوق النقد، الذي يركز عوامل التضخم في السلع الغذائية والإيجارات، فقد ركز تقرير صندوق النقد على النقطة الأخيرة وقام بتقديم عدد من النصائح لحل هذه المعضلة، ومنها إقرار نظام الرهن العقاري في أسرع وقت. فنظام الرهن العقاري في فصوله الخمسة، سيفتح أبواب التمويل للمطورين العقاريين بشكل يسمح بتوفر سيولة منظمة ومقننة في جانب القطاع الخاص ضمن قطاع الإنشاءات والعقار، فهل توقعات سعادة المحافظ مبنية على الأخذ بهذه النصائح والتعجيل بها؟ النصيحة الثانية كانت في تحريك الأراضي الساكنة بحسب ما سماها التقرير، إذ يذكر أن ندرة الأراضي المطورة دفعت الأسعار إلى التحليق عالياً مؤثرة بذلك على الإيجارات، وأن الحل في خفض الأسعار هو تطوير المزيد من الأراضي، بالإضافة إلى تحريك الأراضي الساكنة أو البيضاء. ولا أعتقد أن فرض الضرائب وحدها على هذه المساحات الشاسعة داخل المدن يكفي لتحريكها وإعادة دخولها في سوق العقار، بل إن عامل الندرة، جنباً إلى جنب مع الطلب المرتفع قد يؤديان إلى ارتفاع التكلفة بنسبة بسيطة. إذا، الحل هو في سن قوانين حق الانتفاع من هذه الأراضي بحيث تجبر الملاك إما على تطويرها بأنفسهم أو دفعها لمن يطورها وعدم تركها على حالها تفت في عضد الاقتصاد السعودي وتثقل كاهل المواطن. وقد نظر التقرير إلى المشكلة من جانب العرض بشكل شامل. أما بالنسبة للطلب، فقد ركز على التغييرات الاجتماعية مثل النمو السكاني وتقلص حجم العائلة السعودية، التي تضغط على الطلب الحقيقي على الوحدات السكنية. ولكنه لم يتطرق إلى الطلب المصطنع، الذي كما ذكرت في مقالي السابق، يضغط هو الآخر على أسعار الأراضي. فمن جانب، فإن إقرار نظام الرهن العقاري مع تفعيل سوق الصكوك والسندات سيحول السيولة من الاستثمار في الأراضي الخام إلى التطوير العقاري. ومن جانب آخر، فإن توسع الدولة في مشاريع البنية التحتية وإشراك المواطنين في هذه المشاريع، سيسحب السيولة الزائدة عن الحاجة من سوق العقار وبالتالي يخف الضغط المصطنع على الأسعار. إن مشاريع البنية التحتية هي أكبر مستهلك لرأس المال والسعودية في حاجة إلى استكمال وتطوير بنيتها التحتية بمعايير القرن الواحد والعشرين، فهي الضمان الوحيد لرفع كفاءة الاقتصاد السعودي وفتح المجال أمام تنويع مصادر الدخل.