لفت نظري كاريكتير في إحدى الصحف المحلية يصور ثلاثة مواطنين كل منهم داخل كرتون وعنوان الكاريكتير " بيت تمليك "! وبقدر ماكان المنظر طريفاً فقد كان محزناً! أعاد لذاكرتي صورة المتشردين في شوارع المدن الكبرى في الولاياتالمتحدة الأميركية في الثمانينات من القرن الماضي، والذين كنا نراهم ونستغرب كيف يوجد متشردين في شوارع مدن أغنى وأقوى دولة في العالم؟ وكنا نتساءل أين مؤسسات الضمان الاجتماعي وأين جمعياتهم الخيرية وأين علماؤهم وخبراء الاقتصاد لديهم؟ كيف سمحوا أن تتردى الأوضاع لدرجة أن يتشرد الناس عندهم في الشوارع بلا مأوى متخذين من صناديق الكرتون بيوتاً يحتمون بها بعد أن غدر بهم مجتمعهم ومؤسساته وخبرائه! في ذلك الوقت أي منذ أكثر من عشرين سنة لم نكن نعرف أزمة السكن، نسمع عنها ونردد طرائفها من جيراننا في الدول المجاورة التي كانت تعاني منها ولكن لم نتخيل يوماً ما أن يخيم غمها الثقيل فوق سمائنا ولا أن نبدأ نحن بإطلاق الطرائف والنكات على ما وصل إليه حالنا! وكما لمنا مؤسسات أميركا وخبرائها أن كيف نشأت هذه المشكلة في أقوى اقتصاد في العالم، أجد أننا اليوم نوجه اللوم للجهات الحكومية المسئولة كيف تفاقمت مشكلة تملك المساكن في المملكة.. كيف وقد أعلنت وزار ة المالية عن أعلى ميزانية في تاريخ المملكة لعام 1432 ه الموافق 2011م؛ ميزانية قدرت إيراداتها ب735 مليار ريال، ومصروفاتها ب 626,5 مليار ريال أي بفائض قدر ب 108,500,000,000 ريال. هذه الميزانية الضخمة وهذا الفائض الخيالي بمساحة المملكة العربية السعودية البالغة 2,149,690 كم2، بعدد سكاني قارب ال 27,236,977 نسمة وبكثافة سكانية لا تتعدى 14 نسمة لكل كيلومتر مربع، ومع صدور العديد من الأوامر السامية لدعم مشاريع وخطط الإسكان وزيادة في المخصصات لصناديق التسليف والتمويل العقاري، وإعفاءات من عدد من الشروط للحصول على القروض العقارية لتسهيل قدرة المواطن على تملك المسكن، متوجةً هذه الرعاية بإنشاء وزارة للإسكان، ورصد السيولة الكافية والكفيلة بحل أزمة السكن! فكيف نبرر أزمة السكن؟! أين الخلل.