إبراهيم علي نسيب - المدينة السعودية • يقول لك أنا فلان، تقول له أعرفك!!.. يقول لك أنا الدكتور فلان فتضحك جدًّا!! ومن ثم تسأل نفسك منذ متى أصبح هذا دكتورًا؟! ومنذ متى استطاع أن ينهض بذاته إلى قمة التفكير والإحساس بأهمية العلم في تطوير الذات، وأنت تعلم بأنه لم يكن سوى قطعة جافة لصخرة جامدة، فكيف أصبح دكتورًا؟! وهذه هي المأساة التي تملؤك بإحساس مختلف، وتضعك بين قوسين من لهب، وحقيقة هذا الزمن الذي يكاد يقتل في الناس كل ما يهمهم، ولا شيء أهم من أن تموت الرغبة في التعلّم، وتتساوى النفوس الميتة مع يقظة نفوس الأحياء التي تهتم بالطموح، وتسعى جاهدة للرقي من خلال التعليم، لكن أن تصبح الحكاية كلها سرقة في سرقة، وصعودًا على حساب العلم والتعلّم، فهو الأمر الذي لابد أن نقف له بشراسة، ونحاول جاهدين التصدّي لهذه الظاهرة السيئة جدًّا، والتي انتشرت بطريقة خطيرة ولافتة، هذه الظاهرة التي أرهقت كل الطامحين الذين يعرفون أن الشهادة العلمية هي ليست سهلة، ولا الحصول عليها هو من دكاكين تفرّغت فقط لبيع الشهادات، وتوزيعها على ضعاف النفوس، الذين أصبحوا يتباهون بها، ويقفون بلا حياء أمام العالم، وهم يقولون لهم: نحن هنا، نحن دكاترة الكذب المفضوح، وأصحاب الشهادات العليا المزيّفة، وكثيرون هم الذين يحملونها، وأقصد شهادة دكتوراة (الدكاكين)، وأنا أعرف الكثير منهم، هم: فلان وفلانة، وهم أيضًا يعرفونني جيدًا!! وقس على ذلك، لكن الذي يؤلمني حقًّا هو وطني عندما يأتيه هؤلاء بدكتوراة كاذبة، كما يؤلمني هبوط النفوس التي تقبل بأن تشتري شهادة، ومن ثم تستجيب لرغبة الآخرين الذين يشاركونهم الحياة، كالزوجة مثلاً، والتي تريد أن توازي زوجها، وتحمل معه نفس الكذبة، وتبرر لذلك بقولها إن من حقّها أن تكون مثله، وتحمل شهادة الدكتوراة؛ لتكون الأستاذة، واللصّة معًا، ومن هنا وُلدت مأساة جديدة اسمها مأساة لصوص الدكتوراة!! • القضية هي ليست قضية عادية، بل هي قضية وطن، وهي قضية أكبر من سرقة شهادة، وأكبر من انتهاك حرمة التعليم، التي بعده سوف تصبح الأمور كلها لا تختلف عن (شخّبط شخبيط.. لخّبط لخبيط)، وهو الفعل الذي أراه يقف بالمرصاد لكل الطامحين، ويردهم عن تحقيق رغباتهم في تطوير ذاتهم، التي هم بالتأكيد يريدون لها الترقي، والنمو، والوصول للهدف، الذي هو بالنسبة لهم الحلم، ومَن يكره أن يُحقِّق لنفسه المكانة العلمية الرفيعة، ويحمل، أو تحمل شهادة الدكتوراة، هذه الشهادة التي أصبحت -وبكل أسف- لا قيمة لها إطلاقًا في زمن دكاترة الغفلة، وحملة الشهادات المزيّفة. • (خاتمة الهمزة).. أرجوكم.. أرجوكم.. حققوا للوطن من خلال أنظمة رادعة حمَلة دكتوراة حقيقيين، لا واهمين، ولا لصوص، ولا أدعياء علم وشهادات مسروقة.. هذه خاتمتي.. ودمتم.