لا بد أن نبتهج في ذكرى هذا اليوم التي تصادف الجمعة القادم ونحتفل بالإنجازات الكبيرة التي تتحقق على أرض الوطن، خاصة في مجال التعليم العالي وتطوير البنية التحتية كالطرق والاتصالات، ولكن لا بد أن نسعى - كذلك - لبذل مزيد من الوقت والجهد لإنجاز المزيد، لأن سرعة قطار التقدم تتزايد والمنافسة على طرق النجاح تشتد يوماً بعد يوم. قضايا كثيرة في طريقها للحل. الإسكان يلقى دعماً سخياً من الدولة، ليكون الحل الجذري لهذه القضية على عاتق وزارة الإسكان. والبطالة والسعودة أعطيت الأولوية في قائمة اهتمامات الدولة، لتتحمّل وزارة العمل المسؤولية في وضع الحلول والسياسات والآليات الكفيلة بالحد من البطالة وتنظيم سوق العمل على المدى القصير والبعيد. وكذلك التعليم يحظى بدعم خادم الحرمين الشريفين غير المحدود من خلال مشروع خادم الحرمين الشريفين لتطوير التعليم وكذلك برنامجه للابتعاث. ولكن لا تزال كثير من القضايا في حاجة إلى اهتمام ومعالجة. لا أستطيع تناولها في مقالة واحدة، ولكن سأركز على القضايا التي تخص المرأة. تأتي في أول اهتمامات المرأة توفر الدخل الذي يحفظ كرامتها ويمكّنها من العيش الكريم. معدل البطالة للنساء يقدر في حدود 30 في المائة حسب مسوحات القوى العاملة، ولكنه ربما يكون أكثر من ذلك بكثير حسبما تُشير إليه الإحصاءات الأخيرة. هناك جهود كبيرة لحل هذه المشكلة تتمثل في رفع راتب المعلمات في المدارس الخاصة، وإعلان وزارة الخدمة عن وظائف جديدة، وقرار عمل النساء في محال بيع المستلزمات النسائية، إضافة إلى فتح الجامعات في مختلف أرجاء المملكة، الأمر الذي يفترض أن يوفر الكثير من الوظائف للمعيدات والمحاضرات والإداريات وغيرهن. ولا تزال بعض النساء يعانين أثناء المشي في أحيائنا السكنية، من المعاكسة، ناهيك عن العنف في محيط الأسرة، وهذا أمر لا يتوافق مع قيمنا الإسلامية التي تحفظ أعراض الناس، وتكفل كرامة الإنسان أياً كان نوعه أو جنسه؟! ولا يقل عن ذلك أهمية إشراك المرأة في فعاليات التنمية سواء من خلال العمل أو عضوية اللجان التنموية والمجالس البلدية أو حتى مجلس الشورى. فقد حان الوقت لإشراك نصف المجتمع (أي النساء) في القضايا المجتمعية التي تمس حياتهن بدرجة مباشرة أو غير مباشرة. أضحى من المهم أن تشارك في مجلس الشورى والمجالس البلدية، خاصة في المدن التي تتوفر بها الكفاءات القادرة على العطاء والراغبة في المشاركة. أقول ذلك لأن المرأة السعودية أثبتت قدرتها المميزة على العطاء في مجالات متعددة كالطب والتعليم العام والعالي والتجارة والإدارة والإعلام وغيرها. لقد أشبعت مسألة قيادة المرأة للسيارة نقاشاً وحواراً، واختلفت حولها الفتاوى ما بين متشددة تدعو لعدم الجواز من باب سد الذرائع، ومؤيدة لا ترى في الأمر ما يعارض الشريعة إذا التزم التطبيق بضوابط شرعية وبإيجاد بنية تحتية مناسبة وأنظمة رادعة للتجاوزات أياً كان نوعها وأياً كان فاعلها، خاصة أن السماح للمرأة بقيادة السيارة لا يعني إجبار الجميع على ممارسة هذا الحق، وإنما إيجاد هذا الخيار مفتوحاً أمام الأسر غير القادرة على استقدام سائق لقضاء حوائج أفرادها، ما سيحد مما يُسمى ب ""الخلوة المتحركة"" ويوفر الكثير من التكاليف. وأخيراً على الرغم من الجهود الكبيرة والمشكورة التي تبذلها وزارة التعليم في تطوير المناهج والمدارس، فإن البيئة التعليمة للفتاة السعودية لا تزال دون الطموح وأقل من المتوقع. مدارس ضيقة ومكتظة، ومدارس لا تتوفر بها المرافق الضرورية، ومدارس لا تتوفر بها التغذية المناسبة، ومدارس لا تتوفر بها صناديق خاصة بكل طالبة للحفاظ على أغراضها من العبث والسرقة، ومدارس لا تتوفر بها مساحة للفسحة، ومدارس لا تتوفر بها مدرسات قادرات على العطاء أو مؤهلات للتعامل مع الطالبات بأساليب تربوية لائقة. هذه بعض القضايا التي ينبغي أن تحظى بالاهتمام وتحتل الأولوية، لأهميتها الكبيرة وتأثيرها العميق ليس في المرأة فقط، وإنما في المجتمع ككل. حفظ الله الوطن وأدام نعمة الأمن والأمان.